المذنبون في الكارثة!

نشر في 18-08-2009
آخر تحديث 18-08-2009 | 00:00
 حمد نايف العنزي لا ندري حقيقة لمن يجب أن نوجه اللوم في كارثة حريق الجهراء الذي تحول فيه الفرح إلى مأتم وأسفر (حتى ساعة كتابة المقال) عن وفاة 43 طفلا وسيدة وإصابة أكثر من 76 آخرين، هل نوجه اللوم إلى صاحب العرس الذي أقامه في خيمة تفتقد أبسط شروط الأمن والسلامة؟ أم نوجهه إلى بعض المدعوات اللواتي يجلبن أطفالهن معهن في كل فرح يذهبن إليه لتكتظ الصالات والخيام بهم وبهن دون حساب لأي كارثة قد تقع، وتتسبب بالتزاحم على المخارج (إن وجدت) من قبل أعداد مهولة من البشر منحشرين في مكان ضيق؟! أم نوجهه إلى ثقافتنا المتخلفة التي تجعل المرأة تأخذ وقتا طويلا، وهي تبحث عن عباءة تستر بها جسدها قبل الخروج من الخيمة المحترقة خوفا من انتقام الأب والأخ والزوج، الأمر الذي يؤدي إلى اختناقها هي وأطفالها في الوقت الذي يجب أن ينحصر تفكيرها في إنقاذ نفسها ومن معها قبل كل شيء؟! أم نلوم بعض «الملاقيف» الذين أوقفوا سياراتهم بجانب الخيمة وتسببوا في مضاعفة النتائج المأساوية للكارثة حين طال الحريق سياراتهم وأدى إلى انفجارها متسببا في زيادة عدد الضحايا؟!

وماذا عن الجهات الحكومية (الداخلية والصحة) التي كان يفترض بها تقديم العون في الوقت المناسب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل استفحال الوضع؟ الأخبار تقول إنه لم يوجد عند الحريق في البداية سوى دوريتين للشرطة لم يستطع من كان فيهما التعامل مع حجم الحدث، وأن مستشفى الجهراء رغم الجهود الجبارة والمشكورة الذي بذلها الطاقمان الطبي والتمريضي لم يكن مؤهلا ومجهزا لاستقبال كل هذا الكم الهائل من الحالات سواء داخل المستشفى أو حتى خارجه، حيث التزاحم المروري والتجمهر من قبل أهالي الضحايا وبعض الفضوليين قد تسبب في إعاقة وصول معظم الحالات الحرجة إلى منفذ الطوارئ، والذي هو في الأساس يحتاج إلى إعادة نظر حيث الطريق المؤدي إليه ضيق ولا يسمح بمرور أكثر من سيارة واحدة في كل مرة!!

هذه الكارثة الإنسانية المحزنة بكل معنى الكلمة، كشفت لنا الكثير من أوجه الضعف الحكومي، وكذلك التخلف الثقافي الذي نعيش فيه ونعايشه كل يوم، وإلا بالله عليكم بماذا تفسرون ما فعله أحد أقرباء الضحايا حين غطى وجه قريبة له محمولة على السرير وهي تعاني الاختناق، ويجري بها بأقصى سرعته في الطوارئ لحظة شاهد كاميرا التلفزيون! «وقته يا الحبيب؟! منو اللي بيهتم بشوفة وحده مختنقة بهاللحظة؟!».

عموما الأمر يحتاج إلى قرارات حكومية حازمة ومستعجلة، أولها عدم إقامة الأفراح في الخيام أو البيوت أو حتى الصالات التي تفتقد وجود ما لا يقل عن 4 مخارج للطوارئ، وثانيها منع اصطحاب الأطفال دون سن العاشرة إلى هذه الأفراح، وثالثها توسعة طوارئ المستشفيات بأسرع وقت من حيث السعة السريرية والأطقم الطبية، وكذلك تسهيل الوصول إلى مداخل الطوارئ من خلال توسعة الطرق المؤدية إليه، وتمكينها من استيعاب عدد من سيارات الإسعاف في الوقت ذاته، أما رابعها فإعلامي توعوي يتعلق بإفهام الناس الأولويات وقت وقوع كوارث مثل هذه، حيث يجب إفهام المرأة بأن تهتم أولا بإنقاذ نفسها وأطفالها ثم تبحث بعد ذلك عما يستر جسدها... الأهم فالمهم دائما!

رحم الله الضحايا وأدخلهم فسيح جناته، وألهم أهلهم الصبر والسلوان، وألهمنا طول البال على حكومة لم تتعلم من حريق الجهراء السابق أي شيء، ولا أظنها ستتعلم شيئا من هذا الحريق، أو من حرائق قادمة أيضا!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top