إبان تصاعد حركة الشباب «نبيها خمس»، وبعد أن ألغت المحكمة الدستورية قانون التجمعات سنة 2006، كان مقرراً أن تعقد الحركة اجتماعاً جماهيرياً في ساحة الإرادة قبالة مجلس الأمة. استغربنا حينها تواتر أنباء عن تجهيز مجموعة «فتوات» و»بلطجية» لكي يندسوا وسط الجمهور، ويفتعلوا «هوشة» ثم يبدأوا بالاعتداء على المنظمين، وبالتالي يحدث انطباع بحدوث فوضى، وتتدخل على أثرها قوات الأمن، لمنع اللقاء وربما اتخاذ إجراءات مشددة ضد أي اجتماع لاحق. كانت الخطة أن تختبئ تلك المجموعة في مبنى قريب من ساحة الإرادة للانطلاق. إلا أنه وبسبب قرار أمني حصيف ومسؤول، قد تم تشديد الحراسة على المنطقة، الأمر الذي أفشل ذلك المخطط البائس.
قبل يومين قرأنا على موقع الأخ محمد عبدالقادر الجاسم، أن سيارة ابنه قد تم حرقها بفعل فاعل، وقد نشر صورة السيارة المحروقة، مشيراً إلى احتمال ارتباط تلك الحادثة بمقال كان قد كتبه يشير فيه إلى النفوذ الطاغي لمجموعة اقتصادية. نتمنى ألا يكون هناك ارتباط سياسي بحادثة حرق السيارة، لأن ذلك إن صح فسنكون قد بدأنا الدخول في مرحلة توظيف العنف لأغراض سياسية، وهي الظاهرة الأخطر على مجتمعنا الصغير، خاصة عندما تبدأ مجموعات خاصة بقمع الرأي الآخر.عندما جرت محاولة اغتيال النائب السابق عبدالله النيباري، عاشت البلاد على فوهة بركان خوفاً من تداعيات تلك الجريمة الشنعاء، ولولا لطف الله وتمكُّن رجال الأمن من القبض السريع على الجناة، لتكررت ذات الأفعال، ولأصابت الاغتيالات شخصيات سياسية أخرى. وظلت عملية المحاولة تلك تثير من الأسئلة أكثر مما تطرح الإجابات، خاصة في ما أثير عن ارتباط شخصيات نافذة بها، وربما ارتباطها حتى بمحاولة اغتيال النائب السابق حمد الجوعان بعد تحرير الكويت مباشرة، والتي جاءت في إطار ما تردد عن وجود قائمة اغتيالات لشخصيات سياسية.ولدى استقرائنا لحوادث العنف السياسي في تاريخ الكويت الحديث فإننا نجد أغلبها له ارتباط بجهات خارجية استخدمت الكويت ساحة لتصفية حساباتها. وقبل سنوات قليلة حدثت أعمال عنف مرتبطة بما أُطلِق عليه اسم تنظيم أسود الجزيرة، ويوجد حاليا حوالي 28 سجينا محكوما أو على ذمة قضايا عنف سياسي أغلبها مرتبطة بنشاطات لتنظيم القاعدة.وعموما فإن ظاهرة العنف السياسي المحلي بالكويت هي ظاهرة غير متأصلة، وهي ليست من ضمن النهج الحكومي في التعامل مع الخصوم السياسيين، وهو أمر محمود ومطلوب تأصيله وتثبيته، فالعنف المرتبط بالخلاف السياسي، سيخلف ناراً لا تبقي ولا تذر. ولذا فإننا مع استنكارنا الشديد لما جرى لسيارة ابن الأخ محمد عبدالقادر الجاسم، وتضامننا الكامل معه ومع أسرته الكريمة. فإننا في المقابل نناشد وزير الداخلية بذل جميع الجهود لكشف ملابسات ما حدث بأسرع وقت ممكن، لتحديد إن كان وراء تلك الجريمة أبعاد سياسية أم لا، مع أمنيتنا بالقبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة بأسرع وقت، وإلا فإنهم سيكررون فعلتهم تلك غير عابئين بما سيجره ذلك على البلاد من ويلات.وتبقى إحدى الميزات الأكيدة للحياة السياسية الكويتية، أنها وعلى الرغم من الخلافات الحادة كلاميا وجماهيرياً، لا تتجاوز ذلك الفعل الحضاري، أما إن كانت حادثة حرق السيارة تنطوي على مضامين سياسية، فإنها بداية للنهاية، حيث البلاد ملأى بالاحتقان، وكل ما تحتاج إليه هو فتيل و»شوية كاز»، حفظ الله الكويت وأهلها من كل مكروه.
أخر كلام
هل هي بداية لاشتعال البلد؟
13-07-2009