شاركت كتلة العمل الشعبي منذ تأسيسها عام 2000 حتى الأسبوع الماضي في 12 طلب استجواب من أصل 31 قدمت خلال هذه الفترة، أفضت ستة من استجواباتها إلى التصويت على طلب طرح الثقة، وانتهت الستة الأخرى بشكل مختلف، تنوع ما بين استقالة الوزير، وحل المجلس، وسحب الاستجواب، والإحالة إلى اللجنة التشريعية، والاكتفاء بالمناقشة.

Ad

ومنذ الاستجواب الأول الذي قدمته الكتلة بحق وزير الكهرباء والماء وزير الدولة لشؤون الإسكان عادل الصبيح في أكتوبر 2000 على يد النواب مسلم البراك ومرزوق الحبيني ووليد الجري، والذي انتهى بإسقاط طلب طرح الثقة بموافقة 19 نائبا، واعتراض 26، وامتناع 3 نواب، ونحن نعيش حالة جديدة في العمل السياسي عنوانها كتلة العمل الشعبي، ومعالمها الصراخ والفرز الفئوي والمناطقي، وإن لم تكن معي فأنت ضدي.

قرابة العشر سنوات مرت من عمرنا السياسي وأعضاء كتلة العمل الشعبي لم يعوا جيدا أن دخولهم كطرف مباشر أو دعمهم لنواب آخرين في أي استجواب أو تصعيد سياسي ينتهي في أغلب الأحوال لمصلحة الحكومة، ليس ضعفا منهم بل موقفا منهم.

السؤال: إلى متى سنبقى رهائن مغامرات التكتل الشعبي وتصعيداته غير المبررة في بعض الأحيان، خصوصا أن مبدأ تعاطي التكتل في ممارسته السياسية ينطلق من مرتكز رفع السقف على الجميع، والمبادرة بالتصعيد، وعلى النواب والتيارات والكتل الأخرى تحديد موقفها من أطروحات "الشعبي"؟

حينما ظهر الناطق الرسمي باسم التكتل الشعبي النائب مسلم البراك مساء الخميس الماضي على شاشة "الراي" متهماً الحكومة بممارسة ضغوط على النواب، ما أدى إلى إسقاط طلب طرح الثقة بوزير الإعلام الشيخ أحمد العبدالله المقدم من عضو الكتلة الجديد علي الدقباسي، ومشيرا إلى نواب غيروا مواقفهم نتيجة لمساومات مع الحكومة وبعد أن قبضوا ثمنا لمواقفهم، لم يسئ إلى النواب بقدر ما أساء إلى المؤسسة البرلمانية والديمقراطية الكويتية، ليس لأنه قدم معلومات دون دليل، بل لأنه أكد أن كتلة العمل الشعبي لا تقبل بالديمقراطية، بدليل اتهام من وقف ضدها بأنهم تلقوا ثمناً لمواقفهم.

شخصيا، أيدت استجواب وزير الإعلام من منطلق أن الشيخ أحمد العبدالله لا يصلح أن يكون وزيراً للإعلام، وأن أداءه بالوزارة أدنى من الحد المقبول، مع العلم أن الاستجواب ولد ميتاً وجاء من خلفيات شخصية، وبراً لقسم أداه النواب احتجاجا على قناتي "السور" و"سكوب"، وأغلب من دعمه انتصاراً للوحدة الوطنية من مخرجات الانتخابات الفرعية وأصحاب نظرة فئوية، لكنه انتصار لمبدأ لا تنظر إلى من قال، بل إلى ماذا قال، لكن موقف مسلم البراك الأخير جعلني أعيد النظر بهذا المبدأ متى ما كانت كتلة العمل الشعبي على الطرف الآخر.

من حق النواب أن يأخذوا على كتلة العمل الشعبي اتهامهم دون سند، لكن المسألة الأهم أن على الكتلة بعد تصريح مسلم البراك أن تعيد النظر في تعاطيها السياسي، فتوزيع الاتهامات والتخوين هما حجة الضعيف، والديمقراطي هو من يقر بحق الأغلبية حتى إن عاكس توجهاته، لكن حالنا تبين أننا رهائن كتلة العمل الشعبي ومغامرات أعضائها وصوتهم العالي، وأن الأقلية تنقض على الأغلبية وتختطف قرارها وتسلب إرادتها، فنحن كمواطنين لا ذنب لنا إن لم توفق الكتلة في تحقيق أجندتها، كما ليس من حقها أن تعيب على الحكومة ابتزاز النواب فيما تسلك هي ذات المسلك بالابتزاز "الشعبي".