حدود التفاؤل!

نشر في 03-05-2010
آخر تحديث 03-05-2010 | 00:01
 صالح القلاب حتى لو استؤنفت المفاوضات غير المباشرة فإنه لا يمكن توقّع أي تحرك لعملية السلام، وتحقيق إنجازات فعلية ملموسة ما دامت هذه الحكومة الإسرائيلية، التي تضم أكثر الأحزاب تطرفاً ويمينية (الليكود وإسرائيل بيتنا وشاس)، باقية، فهذه الأحزاب قد تنحني للعاصفة الأميركية مؤقتاً، لكنها بالنتيجة لن تغير مواقفها، وسيبقى كل شيء على ما هو عليه، وأكثر الاحتمالات تفاؤلاً هو انفراط عقد تآلفها وتحالفها وتشكيل حكومة جديدة.

إن جوهر انطلاق المفاوضات غير المباشرة، التي تبنّى العرب بالنسبة إليها الموقف الفلسطيني نفسه، هو تجميد الاستيطان في القدس الشرقية، وتحديد مرجعية للمفاوضات بات من المعروف أنها حدود الرابع من يونيو عام 1967، وهذان أمران لا يمكن أن تلتقي عليهما هذه الأحزاب، ولذلك وإذا انفرد "الليكود" و"شاس" بموقف أكثر مرونة استجابة للضغوطات الأميركية فإن "إسرائيل بيتنا" سيخرج من هذه الحكومة لتتشكل على أنقاضها حكومة أخرى ستضم حتماً حزب كاديما الذي يوصف بأنه أقل تطرفاً وأقل تمسُّكاً ببعض القضايا العقائدية.

والمشكلة أن انحيازات المجتمع الإسرائيلي منذ اغتيال إسحق رابين بقيت في تصاعد مستمر نحو اليمين، وأنه لم تعد الانتخابات تعطي رافعة سياسية مؤثرة وصاحبة قرار، وهذا يجعل من غير الممكن المراهنة على أن الذهاب إلى انتخابات مبكرة سيُعطي واقعاً أفضل من هذا الواقع القائم، وسيجعل أحد الأحزاب قادراً على تشكيل حكومة قرارات تاريخية بالنسبة إلى عملية السلام وإنهاء نزاع الشرق الأوسط، فالمسألة التي يجب أن توضع في الاعتبار دائماً وأبداً هي تشظّي القوى والأحزاب الإسرائيلية، والأسباب هنا معروفة، من بينها أن الفلسطينيين والعرب قد أهملوا جبهة إسرائيل الداخلية.

كان يجب أن يتم البناء بجدٍّ وبأفق واسع على ما كان تحقق عندما أسقطت حكومة بنيامين نتنياهو في عام 1999، لكن هذا لم يحصل وانشغل الفلسطينيون بعضهم ببعض بعد الانتفاضة الثانية، التي سُميت "انتفاضة الأقصى" إلى أن قامت "حماس" بانقلابها المدمِّر في عام 2007، فجرى ما جرى إلى أن وصلت الأمور إلى هذا الذي وصلت إليه، وانشغل العرب بتمحوراتهم وخصوماتهم وبتطلعات إيران التوسعية في المنطقة، وذلك في حين أن أميركا أصيبت بعمى الألوان في عهد رئيسها السابق جورج بوش (الابن) فانتهى الواقع الإسرائيلي إلى قبضة أكثر الأحزاب تطرفاً ويمينية.

والآن وإذ لاح هذا الأمل المستند إلى جدية أميركية واضحة فإنه يجب عدم الاطمئنان لا إلى هذه التركيبة الإسرائيلية ولا إلى أي تركيبة جديدة، ويجب أن يكون معروفاً أن النفخ في القربة المثقوبة سيستمر بلا أي جدوى، إن لم يواصل الأميركيون ضغطهم على الإسرائيليين، وإن لم يتمسك العرب أكثر وأكثر بالموقف الذي بات الشعب الأميركي يفهمه ويتعاطف معه، وهو أن عملية السلام على أسس صحيحة هي مصلحة أميركية أكثر مما هي مصلحة فلسطينية وعربية!

back to top