«ولا اكبر رأس» 


نشر في 29-07-2010
آخر تحديث 29-07-2010 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي أثبتت المبادرة العربية فشلها لأن العرب لم يلوحوا بمسار آخر حقيقي، ومن هذا المنطلق من حقنا كدولة مستقلة الانسحاب من هذه المبادرة لأنها في النهاية ليست معاهدة أو وثيقة ملزمة، وحتى لو تم الأخذ بها فهذا أيضا لا يلزمنا بشيء. يبدو أن قضية حصار غزة هدأت من جديد بعد أسابيع قليلة من المجزرة الصهيونية على متن سفن الحرية، وهذه للأسف طبيعة التفاعل العربي مع الأحداث الكبيرة، حيث ننسى سريعا ما جرى من جرائم، ونعود إلى هموم حياتنا اليومية دون أن نستغل الفرص لخلق ضغط دائم يؤدي إلى الحصول على نتائج حقيقية وحلول جذرية لتلك الجرائم والمشاكل. 

 

فرص تأتي وتذهب، وأحداث مهمة تمر ومازال العرب نائمين، وكأن ما يجري في المنطقة لا يمسهم من قريب ولا من بعيد، وكل ما لديهم هو تكرار الأسطوانة المشروخة المسماة بمبادرة السلام العربية. أكثر من ثماني سنوات مرت على هذه المبادرة والأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، فكان رد الصهاينة على المبادرة هو المزيد من احتلال الأراضي، وسفك الدماء، وبناء المستوطنات، وهدم البيوت، وتهويد القدس. 

 

مرت عدة حكومات على إسرائيل خلال السنوات الثماني الماضية، لكن كان العامل المشترك بين هذه الحكومات هو المضي في إجراءات من طرف واحد، وخلق الأمر الواقع عن طريق تفكيك الضفة الغربية ببناء المستوطنات، ناهيك عن حصار غزة وما تبعه من مآس، إضافة إلى الضرب بكل الاتفاقيات عرض الحائط. 

 

وبصراحة لا يلام الصهاينة على كل الإجراءات التي قاموا بها لأنهم يريدون مصالحهم ولم يجدوا أي عائق أمام تلك الإجراءات لأن خصمهم ضعيف، ولم يلوح بخيار آخر في حال لم يتم الأخذ بخيار المبادرة سوى القول إن المبادرة لن تبقى على الطاولة إلى الأبد، ولا أدري متى يحين وقت سحبها إن لم يكن كل ما حصل في السنوات الثماني الماضية كافيا لسحبها؟ لكن الجواب الجاهز دائما هو أن المبادرة تحرج إسرائيل وتضعها في موقع الرافض للسلام، وكأننا نعيش في عالم تحكمه المبادئ والأخلاق وتتحرك فيه الدول العظمى لنصرة الحق أيا كان، وليس لتحقيق المصالح الخاصة، وأي إحراج ستعانيه إسرائيل بينما الدول العظمى، وعلى رأسها أميركا، تبذل كل ما تستطيع من أجل حمايتها وخدمتها، خصوصا في المحافل الدولية؟ وما تصويت هذه الدول ضد تقرير غولدستون إلا دليل على ذلك، ناهيك عن استخدام الفيتو الدكتاتوري لعشرات المرات في مجلس الأمن لمنع أي إدانة لإسرائيل. 

 

الخلاصة أن المستجير بما يسمى بقرارات الشرعية الدولية هو كالمستجير من الرمضاء بالنار، والمبادرة العربية أثبتت فشلها لأن العرب لم يلوحوا بمسار آخر حقيقي، ومن هذا المنطلق من حقنا كدولة مستقلة الانسحاب من هذه المبادرة لأنها في النهاية ليست معاهدة أو وثيقة ملزمة، وحتى لو تم الأخذ بها فهذا أيضا لا يلزمنا بشيء، خصوصاً إذا رفض مجلس الأمة الموافقة عليها، وسن في المقابل قانون تجريم التعامل مع هذا الكيان الغاصب، وهنا أستذكر مقولة للشهيد الرسام «ناجي العلي» الذي مرت علينا الذكرى السنوية لاستشهاده قبل أيام: «كلما ذكروا لي الخطوط الحمراء طار عقلي... أنا أعرف خطاً أحمر واحدا فقط، أنه ليس من حق أكبر رأس أن يوقع وثيقة اعتراف واستسلام لإسرائيل». 

back to top