من الصعب، ونحن على بعد ساعات من افتتاح البرلمان، وأيام من الذكرى السابعة والأربعين لكتابة دستور الكويت، التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع السياسية بتطوراتها المتلاحقة، والتي يبدو أنها تضفي ملامح ومحاور جديدة على المشهد السياسي الكويتي، ومنها على سبيل المثال: ارتفاع أصوات «شعبية» خارج إطار البرلمان، حظيت بتأييد الأغلبية الصامتة التي تشعر بعدم الرضا عن المسار الذي تجرنا إليه الأوضاع من ترهل إداري في المؤسسات الحكومية، وممارسات برلمانية معطلة على الرغم من إيمانها وحرصها على التمسك بالمؤسسة التشريعية، وعلى ترميم ما يمكن ترميمه من تاريخ مشرف للحياة السياسية والبرلمانية الكويتية.

Ad

تلك الأصوات تمثلها مجموعات عديدة ومنها مجموعة الـ26، ممن يتساءلون عن أسباب تشويه العمل البرلماني والشعبي، في ظل غياب القيادة في العمل السياسي والبرلماني البنّاء وعزوف نواب العقل والاعتدال عن الحياة البرلمانية، بعد أن أصبح المجلس جاذبا لعناصر الضجيج والتأزيم والمصالح الشخصية.

أما المحور الثاني فمازالت ملفات «إهمال المرافق الحكومية» حاضرة في الأجندة البرلمانية، كقضية مشرف وأم الهيمان، وهي كوارث متعلقة بالإهمال الإداري، والتأخر في الإشراف على عملية صيانة المشاريع، أما بخصوص القروض فسيستمر السعي البرلماني إلى إسقاطها، في الوقت الذي تستعد الحكومة فيه لإطلاق حملة لتسويق الخطة المطروحة، وتسعى إلى الرضا النيابي لتمرير الخطط والمشاريع، فهل ثمن الرضا تسديد القروض الاستهلاكية كما يعتقد البعض؟ أم أن صندوق المعسرين سيحسم الأمر؟

أما المحور الثالث فهو، اقتصار العمل البرلماني على ازدياد الأسئلة البرلمانية من حيث العدد فقط، بغض النظر عن المضمون، إلى جانب استمرار مسلسل طرح الاستجوابات ذات المحاور العامة والمستهلكة، والتي اختلطت من خلالها الرؤى عبر انقسام أعضاء البرلمان بين مؤيد ومعارض للوزير المستجوب، بدافع تأييد أو معارضة الكتلة الطارحة للاستجواب، بغض النظر عن المحاور المطروحة.

اليوم، سيعاود مجلس الأمة مزاولة نشاطه، وسنتهيأ لاستقبال مرحلة جديدة من الممارسة الديمقراطية، وقبل إغراق الصحف والمواقع الإلكترونية بالمزيد من الأسئلة البرلمانية العشوائية والتهديد بالمساءلة، نتمنى أن يقوم النواب أنفسهم بحملة احتواء للسلوك البرلماني، فامتعاض المواطن من عشوائية العمل البرلماني وصل إلى حد الذروة، ومازال الناخب يتوق إلى رؤية ممارسة برلمانية سليمة تحت قبة الصرح البرلماني الذي كان ومازال رمزاً للاعتزاز بحصيلة تجارب الماضي، والمرحلة القادمة تتطلب منا إعادة النظر في اللوائح الداخلية لاستيعاب كتل جديدة، والاستعداد لطرح قوانين تنظم العمل السياسي قبل القفز إلى الدائرة الواحدة، وحماية البرلمان من نسف الجهود الإصلاحية.

كلمة أخيرة: من المسؤول عن الهواجس الصحية المستقبلية الناتجة عن كارثة مشرف وأم الهيمان، والتي ينبه لخطورتها الأطباء؟ ألا يستطيع معهد كمعهد الأبحاث أن يقوم بحملة للفحوصات الطبية لأهالي المناطق الموبوءة؟ أم أننا بحاجة إلى مركز للأبحاث الصحية ليوفر القراءة المستقبلية للوضع الصحي للسكان؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء