ما لا يعرفه كثيرون هو أن هناك متعهدي عمليات فدائية، ليس في المراحل الأخيرة فقط بل منذ بدايات نشوء المقاومة الفلسطينية، وهؤلاء اعتادوا بيع خدماتهم لأكثر من تنظيم وأكثر من منظمة ولذلك جرت العادة، سابقاً ولاحقاً، على أن تدَّعي أكثر من "جبهة" و"حركة" بعض العمليات التي يجري تنفيذها ضد أهدافٍ إسرائيلية وهذا حدث ولايزال يحدث في غزة بعد ظاهرة الصواريخ الدخانية التي خدمت إسرائيل أكثر كثيراً مما خدمت القضية الفلسطينية.

Ad

ولهذا فإن عملية "حماس" الأخيرة، التي سقط أحد صواريخها في مدينة العقبة الأردنية وقتل مواطناً أردنياً بريئاً وجرح أربعة آخرين، هي من نمط عمليات الذين يبيعون عملياتهم لمن يدفع أكثر، وهؤلاء هم مجموعات من بدو سيناء الذين خدم بعضهم في الجيش المصري والذين ورثوا من الحروب المتعاقبة، التي شهدتها هذه المنطقة، كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة والذين أيضاً بحكم تداخل الجغرافيا أقاموا صلات حتى مع عصابات التهريب الإسرائيلية.

في فترة سابقة طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من أيهودا أولميرت السماح للسلطة الوطنية بإدخال أسلحة خفيفة عبر الأردن لضبط الأمن في الضفة الغربية، وكان جواب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أنه بالإمكان توفير مثل هذه الأسلحة وغيرها من شبكات التهريب الإسرائيلية، وحقيقة أن هذا هو واقع الحال ما دام أن هناك شارين لديهم القدرة على دفع عشرة أضعاف الثمن الحقيقي لقطعة السلاح المطلوبة.

والواضح، بل المؤكد، أن الحرس الثوري الإيراني قد استطاع الوصول إلى تجار "العمليات الفدائية" في سيناء، وأنه اشترى من هؤلاء عمليات سابقة ضد مصر أكثر من مرة، كما أنه ابتاع عمليات سابقة ضد مدينة العقبة الأردنية سقط فيها أبرياء على غرار ما سببته العملية الإجرامية الأخيرة.

الآن غدت إيران بحاجة إلى إثبات أنها قادرة على إلهاب هذه المنطقة رداً على مضاعفة العقوبات ضدها من قبل المجتمع الدولي، ولهذا كان هذا "التحريك" على جبهة صعدة في اليمن وعلى جبهة الجنوب اللبناني وكان لا بد لـ"حماس" ما دامت أحدَ رؤوس الجسور الإيرانية أن تلجأ إلى تجار العمليات الجهادية ليطلقوا صواريخهم باسمها في اتجاه مدينة العقبة الأردنية الوادعة.