لبنان... والمقعد العربي في مجلس الامن
هل يعتبر مجلس الأمن هيئة مستقلة أم مركزاً للتجاذبات الدولية؟ وهل للأعضاء الجدد نصيب؟ أم أن الحظ يحالف الدول الخمس الدائمة العضوية فقط؟ تابعت الأسبوع الماضي الانتخابات الخاصة بمجلس الأمن التي لم تشهد هذا العام المنافسة المعهودة، إنما تم الاختيار بسلاسة واتفقت الكتل الإقليمية وللمرة الأولى على الدول المرشحة للعضوية غير الدائمة... ومن الدول المتنافسة استطاع لبنان أن يصل ضمن الدول العشر المنتخبة لفترة سنتين، والتي لا تملك من الصلاحيات والقوى التصويتية الكثير، إنما في وسعها أن تشكل أحياناً تكتلاً جماعياً لحجب الأصوات التسعة الأخرى.
وتمكن لبنان من الفوز ومعه أربع دول أخرى بمقاعد غير دائمة بعد مشاركة 190 دولة بالاقتراع من الدول الـ192 الأعضاء، ونالت نيجيريا أغلبية الـ186 صوتاً، والغابون 184، والبوسنة والهرسك 183، والبرازيل 182، ولبنان 180 (المصدر: الأمم المتحدة)، ويعتبر وصول لبنان انتصاراً كبيراً لبلد عربي يراه كثيرون مركزاً فعلياً لحوار الحضارات. أما نحن كباحثين في مجال المنظمات الدولية، فنشعر أحياناً أن مجلس الأمن أقرب ما يكون إلى البوصلة التي تعطي القراءة الواقعية فيما يخص العلاقات بين الأقطاب؛ كالسلوك السوفييتي أيام الحرب الباردة، والاعتراض الصيني المعهود، إلى جانب العلاقة الأميركية بالعالم من خلال مؤشرات تحديد الأولويات، وانعكاسات تلك الأولويات على مواقف الدول «الصديقة». ولعل أبرز ما ينال اهتمامنا في قراءة العلاقات الدولية، وبالتالي سلوكيات الدول ذات العضوية الكاملة في مجلس الأمن، هي فترة حرب الخليج الثانية عام 2003، وما تخللها من تباين في المواقف، وعلى الأخص الاعتراض الفرنسي والألماني، ومن الأمور الأخرى المثيرة للاهتمام أيضاً، وتستحق البحث والدراسة، هي فترة عضوية الكويت في مجلس الأمن قبل سنوات عدة وتحديداً في عام 1978، في فترة امتد فيها الصراع العربي الإسرائيلي ليشمل دولاً عربية أخرى، لذلك فقد انتهج الوفد الكويتي الذي كان برئاسة السفير عبدالله بشارة آنذاك، الطريق الدبلوماسي الوعر حتى اجتازه بنجاح مسجلاً دوراً كويتياً عربيا بارزاً في دعم الأسس السليمة من خلال تعزيز ركائز الحق العربي ومن ثم السلام في المنطقة. وكما تعلق السيدة راندة درغام، الكاتبة في صحيفة «الحياة»: «أن العضوية الدورية للبنان تصبح فاعلة، إن أحسن استغلالها لتقوية سيادة الدولة، ولإثبات نفسه بلدا مسؤولا لا تسيّره النزاعات ولا الأزمات، عندئذ سيكون في وسعه أن يفرض نفسه على الساحة الدولية دولة مستقلة وليس ضحية الابتزاز أو سياسات التعطيل»... أما عن ردود الفعل في الدوائر الرسمية فقد صرح وزير الخارجية البوسني بعد الفوز، بأن بلاده ستكون صوتاً قوياً للدبلوماسية الوقائية، وبأنها ستشارك الدول في الحياة المسالمة والمزدهرة، وأطلقت البرازيل شعار الدور البناء والفخر بالاختيار.. أما لبنان فيتطلع إلى تعزيز مفاهيم العروبة والحرية والديمقراطية والنهضة الفكرية في العالم العربي، وأن يصبح مثالاً لتعايش الطوائف ومركزاً دولياً لحوار الثقافات والأديان والحضارات... وأتمنى ألا يثنيه عن ذلك معاناته أزمة سياسية في الوقت الحالي تحول حتى الآن دون تأليف حكومة! كلمه أخيرة: لم يكن اقتحام أحد النواب غرفة الفحص الخاصة بالنساء، بحجة «التفاهم» مع الطبيب المعالج... إلا ظاهرة سلبية وخطيرة أيضاً!