كانت ربة منزل مميزة، تفرغت لرعاية بيتها وأسرتها... ربت ابنتيها وابنها على الأخلاق والتواضع والالتزام وحب الوطن، وعُرفت باتزانها وبعدها عن حفلات الشاي وأضواء الكاميرات، كما عُرفت بصراحتها في التعبير عن قناعاتها وبحدتها في الدفاع عن الحق، ورغم انتمائها لسلالة عريقة ومعروفة بالعمل السياسي والتطوع في العمل المدني، فإنها آثرت الابتعاد عن المشاركة السياسية والاجتماعية لتوفر طاقاتها لأبنائها.

Ad

ولكن السياسة والمجتمع لم يسمحا لها بإتمام مهامها بالصورة التي ارتأتها، فبدأ عضو مجلس الأمة والوزير والإعلامي يتدخلون في صلاحياتها ويفرضون وصايتهم عليها ليحددوا لها كيف تربي أبناءها ويدخلوا إلى بيتها قيماً وأفكاراً «دخيلة» لم تعتد عليها ولا يمكن أن تتقبلها، فثارت ثائرتها وقررت أخذ زمام الأمور لتدافع بنفسها عن حقها وحق غيرها من أولياء الأمور باختيار أسلوب تربية ونظام تعليم أبنائهم. وبادرت لتحمي أسرتها ومجتمعها من انهيار القيم وتفشي التطرف والتعصب والإرهاب.

لذا بادرت غادة يوسف إبراهيم الغانم بتشكيل أول جماعة ضغط مدني في الكويت، واختارت اسم «صوت الكويت» لهذه المجموعة لتعبر عن صوت الأغلبية الصامتة من أبناء هذا الوطن التي ترفض ما يحدث ولا تجد من يعبر عنها، وفتحت باب المجموعة للشباب من أطياف المجتمع كافة لتعلمهم بالتجربة العملية كيفية التسامح وتقبل الآخر والعمل الجماعي من أجل أهداف سامية.

وفي أقل من عامين تنمو مجموعة «صوت الكويت» لتضم أكثر من ألف شاب وشابة ممن لم يجد مَن يتبناه ويقدم له الإمكانات والدعم للإبداع والعطاء، وفعلا قدم هؤلاء الشباب سلسلة من الأعمال الراقية والمبتكرة ليوصلوا إلى المجتمع أهمية دستور البلاد، وليشرحوا لكل مواطن أهمية حقوقه الدستورية وكيفية الدفاع عنها. وأصدروا وثائق مهمة أصبحت مرجعاً لصناع القرار في البلاد ككتيب «التعليم المشترك»، وكتيب «القوانين غير الدستورية»، وإعادة إصدار دستور الكويت باللغتين العربية والإنكليزية، وغيرها الكثير من النشرات والبيانات، بالإضافة إلى ورش العمل واللقاءات التثقيفية والندوات العامة.

وابتكرت المجموعة بالدعم التام من غادة الغانم فكرة الاحتفال بـ»يوم الدستور» في يوم توقيعه 11 نوفمبر في ساحة الإرادة- ساحة الشعب. وأعطت أم عبدالعزيز الشباب ميزانية مفتوحة من حسابها الخاص وتفرغت لهم تماماً لما يزيد على أربعة أشهر ليأتي احتفال هذا العام كاملاً متكاملاً وفخراً لكل وطني محب لهذا الوطن، ولتعطي الشباب الشعور العارم بالنجاح والإنجاز دون قيود أو وصاية.

سيدة عظيمة استطاعت في وقت قصير أن تحقق ما لم تحققه مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية والجمعيات المدنية في عقود من الزمن، فلا تكفيها كلمة شكراً، ولا يمكن لأحد أن يرد لها بعض جمائلها، وخير ما نقوم به أن نأخد بعض شجاعتها وقوتها والتزامها ونعمل معها لمصلحة هذا الوطن.