الأخت ... الوحدة الوطنية!
يوماً بعد يوم، نثبت لأنفسنا قبل الآخرين أننا شعب طائفي قبلي عنصري طبقي بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، ولا دليل على ذلك أكبر من حفلات التراشق وتبادل الاتهامات التي نعيشها هذه الأيام بشكل يوحي أن الشرارة اللعينة بانتظار إصبع واحد فقط للضغط على الزناد، فتكون بداية يصعب التكهن بنتائجها أو توقيت توقفها، فهل يدرك الجميع حقيقة ما يجري أم أن البعض يصر على أن الأمور لاتزال تحت السيطرة؟!حقيقة... لا أعلم، وبالتأكيد غيري كثيرون، سبب العداء والتصيّد في الماء العكر للطرف الآخر، رغم تشدق كل خندق بسيمفونية «الوحدة الوطنية»، ولا أعرف من هي «الأخت» الوحدة الوطنية؟ أو أين تسكن؟ أو حتى مقر عملها كي أسألها عمن يمتلك وكالة رسمية منها للتحدث باسمها في كل ندوة أو مؤتمر صحافي؟ فهل هذا التنافس من أجل بسط المزيد من السطوة والنفوذ على الأرض، أم على أحقية كل طرف بالجنة! فإن كانت موجة التناحر لأجل أمور دنيوية خالصة فالواجب عدم إقحام الدين ورجالاته في قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل، أما لو كان السبب الرئيس في هذه الحفلة الصاخبة التي لا نعرف من الذي يرعاها الفوز بالجنة والحور العين، فنعتقد أنه يجب التوقف عن مهاجمة أي طرف ونعته بأبشع الصفات، بعدما وصل الأمر إلى حد التكفير، لاسيما أن هذه الخطوة تعني أن الطريق إلى الجنة أصبح وعراً ومليئاً بالمطبات، فكلنا يعي ويدرك أن الله سبحانه هو من يحدد أهل الجنة أو النار، ولا أبلغ من قوله تعالى «وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»، فبأي قلب سيواجه هؤلاء ربهم يوم الحساب، وهم يمزّقون يوميا مجتمعا جبل على حب التعايش، وقبول الآخرين بمخلتف توجهاتهم، شعباً امتدت أياديه بالخير إلى كل البلدان العربية والإسلامية وغيرها؟ ويبقى التساؤل الأهم من ذلك كله: من الذي أعطى الحق لهذا أو ذاك لينصّب نفسه مصنفاً للناس للجنة والنار؟!
بلدنا صغير لكنه يسع الجميع، ومجتمعنا متشدّد في رأيه أحياناً لكن نواياه حسنة، وأخطاؤنا كثيرة لكن حبنا لعمل الخير أكثر، وهناك من يستمتع بحال الفوضى التي نعيشها، لكن بكل تأكيد هناك من يرغب في إفساد تلك المتعة، لذا فإن الجميع مطالب اليوم بتغيير لغة الحوار واللجوء إلى التهدئة، ويجب القبول بالرأي الآخر وإن لم يعجبنا، لأن إذكاء الفتنة وصب النار على الزيت في كل شاردة وواردة لن يجلبا إلا نتائج وخيمة وحسرة ستستقر في القلوب سنوات طويلة.قرار نهائي: شخصيا... لست مستعدا أن أخسر صديقاً عزيزاً أو جاراً وفياً أو زميلاً طيباً من أي طرف كان بسبب متطرّف هنا أو متشدّد هناك، خصوصا أنني على يقين بأن المتناحرين لا يعرفون مصيرهم أين سيكونون في الجنة أم في النار؟! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة