مع ارتفاع حدة السجال بشأن "الخصخصة"، ووسط تنديد بالقانون من قبل رؤساء وأعضاء اتحادات عمالية وقوى طلابية وممثلي جمعيات نفع عام، خلال اعتصامهم مساء أمس في ساحة الإرادة، مطالبين نواب الأمة بـ «الفزعة» للشعب، ورفض تمريره في مداولته الثانية المقرر عقدها اليوم، تتجه الحكومة غداً إلى الموافقة على مقترحات النواب المتعلقة بالقانون من أجل ضمان الأغلبية النيابية لهذا المشروع ليصبح واقعاً.
وقال وزير المالية مصطفى الشمالي لـ"الجريدة" إن الحكومة تملك الأغلبية النيابية على صعيد هذا القانون العالمي، مشيراً إلى أن الكويت بحاجة إليه من أجل الانتعاش الاقتصادي، وليكون مسانداً لعملية التنمية والمشاريع الجبارة التي ستطرح على صعيد خطة التنمية.وأضاف الشمالي أن الحكومة تتجه إلى إنهاء الجدل المثار بشأن هذا القانون من خلال جلسة غد من أجل إنجازه، مبيناً أن "الحكومة تقبلت كل الاقتراحات النيابية على هذا الصعيد، وتأمل أن يرى القانون النور"، لافتاً إلى أن "الحكومة لن تحيد عن الدستور في ما يتعلق بهذا القانون الذي سيحدث نقلة اقتصادية كبيرة في البلاد على كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والخدمية".وأشار إلى أن الكويت "بحاجة ماسة إلى هذا القانون، الذي يعد عالمياً، إذ سيساهم في انتعاش دول كثيرة وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي"، مؤكداً أن "هذا القانون سيطور اقتصادنا بعد تطبيقه".وعلى الصعيد نفسه، قالت مصادر وزارية معنية بالمشروع لـ"الجريدة" إن الحكومة "ستوافق على التعديلات النيابية ومنها عدم خصخصة الصحة والتعليم والنفط، طبقاً للمادة 51 من الدستور التي تقضي، فيما يتعلق بالنفط خاصة، بعدم خصخصة هذا القطاع إلا بقانون".وأضافت المصادر أن "السلطتين التشريعية والتنفيذية تعلمان أن تلك الخدمات لا يمكن أن تخصخص طبقاً للدستور، ولكن مجلس الأمة أراد أن يكون ذلك ضماناً آخر لتكون هذه الخدمات متاحة للمواطنين بالمجان".نيابياً، أقرت اللجنة المالية أمس التقرير النهائي لمشروع قانون تنظيم عمليات التخصيص، الذي أقر في مداولته الأولى بجلسة 27 أبريل الماضي، وتضمن التقرير عدداً من التعديلات أهمها عدم جواز خصخصة قطاعات النفط والغاز والتعليم والصحة، ومنع الوزراء والنواب وأقربائهم من الدرجة الأولى الذين يملكون شركات في البورصة من الدخول في المزايدات على أسهم شركات الخصخصة، وأن يتولى المجلس الأعلى للتخصيص توزيع الأسهم المجانية، وتشديد العقوبات على الشركات المخالفة، وضبط عملية حقوق العمالة الوطنية ونسبتها، وحظر شراء شركة واحدة أسهم أكثر من قطاع.وتساءل رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي تعليقاً على الاحتجاجات على قانون برامج التخصيص (الخصخصة): "هل الوطن رخيص إلى هذه الدرجة ليباع بهذا الأسلوب؟"، منتقداً بشدة محاولات الضغط التي تمارس على النواب خارج المجلس، مشدداً على ضرورة المحافظة على الإجراءات اللائحية والدستورية، مؤكداً أن المجلس مؤسسة دستورية "وليست شوارعية"، مطالباً النواب بأن يكون تصويتهم داخل قاعة عبدالله السالم.وأضاف الخرافي: "وعلى الأقلية احترام رأي الأكثرية، فهذه هي الديمقراطية الحقة التي توجب علينا معالجة مواضيعنا بالحكمة"، موضحاً أن الرئاسة لم تتسلم بعد تقريراً من اللجنة المالية عن "الخصخصة"، لافتاً إلى أن توقيت مناقشة المداولة الثانية رهن قرار المجلس، سواء كان ذلك في الجلسة المقبلة أو الجلسة التي تليها، وأن جدول الأعمال يتضمن بنداً يتعلق بانتهاء التصويت على "الخصخصة" في المداولة الأولى.وسأل النائب د. فيصل المسلم النواب المعارضين لحملة "لن أبيع وطني": "ما سر هجومكم على حملة سبقتها عشرات الحملات المشابهة تعبيراً عن حرية الرأي التي كفلها الدستور لإخواننا المنظمين؟"، مجدداً حثه للجميع على المشاركة في الاعتصام، لافتاً إلى أن استخدام الرئيس الخرافي للفظة "شوارعية" يحتاج إلى توضيح.وقالت النائبة د. أسيل العوضي، تعليقاً على التجمعات التي تنظم لمنع إقرار قانون الخصخصة: "إننا نرفض مناقشة القوانين في الساحات، لأن مناقشة القوانين يجب أن تكون تحت قبة عبدالله السالم، وللكويتيين كل الحق في أن يعبروا عن آرائهم في القوانين، لكن التفاعل معها يكون بالنقاش والجلوس على طاولة الحوار لا بالحشد أو التصعيد"، موضحة أن "الحجج المعارضة للقانون غير صحيحة، وكذلك المعلومات غير الدقيقة التي تُكشَف من هنا وهناك، والكثير من المحتشدين يجهلونها، ولكنهم يتجاوبون مع شعار بيع البلد"، معتبرة أن "بيع البلد سيحدث إذا تركنا للحكومة الحرية في تخصيصها القطاعات التي تريدها من دون قانون".وبينت النائبة د. رولا دشتي أن اللجنة وافقت على عدد من التعديلات من بينها عدم جواز تخصيص التعليم والصحة والنفط، ومنع الوزراء والنواب الذين لهم شركات في البورصة من دخول المزايدة على أسهم شركات الخصخصة، وأن يتولى المجلس الأعلى للتخصيص توزيع الأسهم المجانية، وتشديد العقوبات على الشركات المخالفة بعد التحقيق معها، وضبط عملية حقوق العمالة من خلال عدم تخفيض نسبة الأجور والعمالة الموجودة قبل التخصيص، وحظر شراء شركة واحدة لأسهم عدة قطاعات.وأوضحت دشتي أنها وعدداً من النواب سيعارضون إقرار قانون كشف الذمة المالية والقوانين المتعلقة بمحاربة الفساد، مشيرة إلى أن جمعيات النفع العام ستقدم خلال اليومين المقبلين بياناً تطالب فيه بإرجاع التقارير المتعلقة بهذه القوانين إلى اللجنة المختصة لدراستها من جديد، مشددة على أن "المسألة ليست مزايدات وإنما لإيجاد رؤية تشريعية متكاملة".من جهته، أكد رئيس اللجنة المالية النائب د. يوسف الزلزلة الانتهاء من التعديلات النيابية المقدمة على قانون الخصخصة، مشيراً إلى أن اللجنة تبنت الكثير من هذه التعديلات التي بلغ عددها 57 تعديلاً، وأن التقرير النهائي سيرفع إلى المجلس اليوم الاثنين للبت فيه، مبيناً أن اللجنة تبنت كل المقترحات، وخلصت إلى قانون متكامل حاز الموافقة بالإجماع، بما فيها المادة التي تلزم الحكومة بالسهم الذهبي.وعلى صعيد آخر، أعلن النائب خالد الطاحوس أنه سيتقدم يوم الاثنين المقبل باستجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء، ما لم يتم سحب تراخيص المصانع المخالفة في منطقة أم الهيمان، مؤكداً أن القرار الذي اتخذه المجلس الأعلى للبيئة يعد هروباً من الحل الجذري، وحماية لملاك المصانع، "وسبق اتخاذه عند التلويح سابقاً باستجواب رئيس مجلس الوزراء"، مشدداً على أن القانون يجب أن يطبق على الكبير قبل الصغير، بسحب تراخيص المصانع المخالفة حسب قانون هيئة الصناعة رقم 56 /1996.
آخر الأخبار
«الخصخصة»... «الشارع» يضغط على التشريع
10-05-2010