المنطقة على فوهة بركان!
اليوم، يتوجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع في انتخابات توصف بأنها مصيرية، ليس بالنسبة إلى العراق وحده، إنما بالنسبة إلى المنطقة كلها، وغداً من المُفترَض أن يصل جورج ميتشل إلى فلسطين لبدء المفاوضات غير المباشرة، التي أعطاها العرب غطاءً يحتاج إليه الفلسطينيون، باستثناء سورية التي يبدو أنها تريد هذا النمط من المفاوضات ماركة مسجلة لحسابها، على اعتبار أن ما يجوز لها لا يجوز لغيرها، خصوصاً أن الذي على الطرف الآخر هو محمود عباس (أبو مازن).وهناك كلام عن تدخُّل إيراني بالأموال، وبفيلق القدس، وبالمؤلفة قلوبهم من العراقيين، في هذه الانتخابات العراقية التي توصف بأنها تاريخية ومصيرية، وهناك التحذير الذي أطلقه تنظيم القاعدة، بأن هذا اليوم (الأحد) في بلاد الرافدين سيكون منع تجوّل، وهذا يعني أن هذا البلد الذي ابتُلي بالويلات والنكبات منذ ذلك الانقلاب الأسود في "يوليو" عام 1958، ينتظره يومٌ دامٍ، يُفترَض أن يكون عرساً وطنيّاً تُطرِّزه الابتهاجات والزغاريد.
كل شيء في هذه المنطقة يشير إلى أن كارثة تقف على الأبواب، فالقمة المُنتظرَة غير مضمون انعقادها، إذ إن هناك قلوباً مختلِفة ورؤوساً غير مؤتلِفة، وهناك حسابات وأجندات مختلفة، وهناك من يريد أن ينهي صيغة الجامعة العربية لحساب صيغة فاشلة سلفاً دافعُها شخصيٌّ، وهناك الانقسام الفلسطيني الذي يريد البعض تعزيزه في هذه القمة، لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد لهذا الشعب، وإلغاء السلطة الوطنية وربط هذه القضية نهائياً بالمشروع الإيراني الذي لم يعُد خافياً على أحد، لمستقبل هذه المنطقة. وبينما ينتعش الحديث عن المفاوضات والسلام في ضوء تخويل لجنة المتابعة العربية، باستثناء سورية، محمود عباس (أبو مازن) الذهاب إلى المفاوضات غير المباشرة بسقفٍ زمني مدته أربعة أشهر بأيامها ولياليها، تتزايد سُحُب الحرب المتوقعة التي قد تبدأ في أيِّ لحظة، ولعل ما يعزز هذا أن مسؤولاً عربياً كبيراً أكد مِثلَ هذا الاحتمال، خلال توقفه في الأيام الأخيرة ببعض العواصم العربية.كل هذا، بينما اليمن لم يرْتَح من صداع "الحراك الجنوبي"، مع أنه ارتاح -مؤقتاً- من الصداع الحوثي، وبينما صفحة "دارفور" لم تُطوَ بعد، رغم مهرجان تبادل "تبويس الذقون" الذي استضافته الدوحة قبل أيام.هناك أوضاع عربية مضطربة وغير مستقرة، ففي لبنان لايزال الجمر يعسْعِسُ تحت الرماد، وفي المغرب العربي كله هناك حال عدم استقرار تعانيها -بشكل أو بآخر- كل الدول المغاربية، بما في ذلك مَنْ يعتقد منها أنها أكثر رسوخاً من جبال الأوراس.وفي المحصلة، فإن الأدلة كلها تشير إلى أن هناك احتقانات كثيرة في هذه المنطقة، باتت كأنها على فوهة بركان، وأن أكثر من لُغم سينفجر ربما قبل نهاية هذا العام، وهذا يعني أنه على الذين يعتقدون أن لياليهم المزهرة والجميلة لن تؤرقها أيُّ كوابيس، أن يعيدوا النظر في قناعاتهم جيداً، فالرمال المتحركة كما هي العادة لا توفر كلَّ من تستطيع الوصول إليه، والمثل يقول "أُكِلْتَ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيضُ".