وصلت الأزمة العاصفة بين العـراق وسورية إلى حد الحشد العسكري المتبادل على الحدود، ومع ذلك فإن السبب الرئيسي والأساسي لهذا التطور الذي يشكل خطراً على المنطقة كلها والذي يرى البعض أنه جاء مفاجئاً، وهو ليس كذلك، لايزال موضع تخمين واجتهادات حتى إن الجانب السوري الذي هو في موقع الدفاع لم يخرج برواية متماسكة مقنعة حول أسباب حصول ما حصل.
الجانب العراقي على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي ومعه بعض مساعديه يؤكد أن لدى العراق مستمسكات وأدلة على تورط سوري في الانفجار الأخير المدمِّر، الذي استهدف أساساً وزارة الخارجية ووزارة المالية، وهو طالب ولايزال يطالب بضرورة تسليم اثنين من أحد انشقاقات البعث العراقي لبغداد على غرار تسليم زعيم حزب العمال الكردستاني التركي عبدالله أوجلان شبه تسليم للسلطات التركية لنـزع فتيل الانفجار بين الدولتين الجارتين، وإيقاف حرب كانت في انتظار البيان العسكري رقم واحد. وعلى طريقة تبادل رميات كرة الطاولة الـ"بينغ بونغ" فإن بغداد ودمشق تواصلان تبادل القصف الإعلامي المتبادل، بينما يجري تعزيز الحدود على الجانبين بقوات عسكرية يصفها العراقيون على جانبهم بأنها قوات شرطة، وأن مهمتها تقتصر على رفع مستوى المراقبة ومنع تسرب "الإرهابيين" من الأراضي السورية إلى الأراضي العراقية. وإزاء هذا كله فإن غير المقتنعين بالرواية العراقية ولا بالرواية السورية يتساءلون عن الحقيقة، وعن الأسباب التي دفعت جهتين تلتقيان عند نقطة التحالف مع إيران والصداقة معها إلى الوصول بالتعادي حتى حدود المواجهة واستنفار القوات العسكرية على الحدود. وهنا يقال إن السوريين طلبوا من رئيس الوزراء العراقي في آخر زيارة له إلى دمشق أمرين رفض تلبيتهما هما: أولاً، تشغيل الأنبوب الناقل للنفط من كركوك إلى بانياس السورية على البحر المتوسط الذي طاقته ستمئة ألف برميل يومياً وبيعه إلى سورية بأسعار تفضيلية، وثانياً، السماح للبعث السوري (العراقي) بالمشاركة في الحكم في بغداد على اعتبار أنه كان في طليعة القوى المناهضة لصدام حسين ونظامه. ويقال أيضاً، وهذا أقرب إلى وجهة النظر السورية، أن نوري المالكي قد بادر إلى افتعال هذه الأزمة بإيحاء أميركي من قبيل الضغط على نظام بشار الأسد لفك عرى علاقاته الإستراتيجية مع إيران... والله أعلم... ويبقى أن مطالبة بغداد بتحقيق دولي ومحكمة دولية سيزيد صعوبات دمشق على هذا الجانب، حيث هناك استحقاق محكمة دولية أخرى هي المحكمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
الله أعلم!
08-09-2009