نجومنا المخفيون
نجوم في السماء تتلألأ بنورها على الدنيا، إلا أنها في فضائنا خاب ضياؤها، فثقافة المنع والتزمُّت من المجتمع أحياناً وأغبرة اللامبالاة وعدم الاكتراث من السلطة في أحيان أخرى حجبت جمالها.بمن أبدأ وبمن أنتهي؟ الشاب خالد أحمد الربعي قبل سنوات يحوز جائزة أفضل البحوث من جامعة أميركية عريقة على ما أذكر... وتُطوَى صفحته ويُنسى... المخرج سليمان البسام غاص بعقل ثاقب في التراث العربي الإسلامي، وقدم لنا مسرحية عبدالله بن المقفع بإسقاط ذكي على واقع القهر الاجتماعي والسياسي، وما يعانيه المثقف الحقيقي الملتزم اليوم في العالم العربي بفكر مبدع خلاق، ثم يعود من جديد إلى أبطال مسرحية «ريتشارد الثالث» لشكسبير، ويضع على رؤوسهم الطربوش والعقال الشرقيين مصوراً فساد ومؤامرات القصور الحاكمة اليوم، وتُعرَض المسرحية بخجل وتُسدل عليها ستائر الخوف والقلق في مكان بسيط بالدولة، وكأنه ارتكب جرماً بحق ديناصورات التسلط الفكري، وتُعرض المسرحية في دمشق ليكون الرئيس بشار الأسد وحرمه في مقدمة الجالسين على الكراسي الأمامية للعرض، كان تقديراً كبيراً من الرئيس بشار للعمل الجاد والملهم، وتتصدى جريدة «الإيكنومست» الإنكليزية العريقة لتكتب مادحة سليمان وفنه الرصين... مَن يدري عن سليمان البسام في وطنه... هل يذكره أحد؟ هل تم تقديره في وطن الثراء المالي الكويتي، الذي يفتقد دار عرض مسرحي لائقة به... داراً تناسب مجمعات «الفاست فود» وطريق الحرير...!!
الدكتور نايف المطوع الذي حاز في صغره جائزة «اليونسكو» لقصص الأطفال بقصة «تنط أو لا تنط هذا هو السؤال»، وبكتاباته وبحوثه الدقيقة في ما بعد ليصبح أول كويتي يضعه منتدى دافوس للاقتصاد العالمي كضيف دائم على نفقة المنتدى المرتفعة الثمن في كل مؤتمر سنوي يقام بسويسرا، ثم ليضحى نايف أول كاتب كويتي تتعاقد معه دار نشر «نيويورك تايمز» والهيرالد تربيون ليكتب فيهما... نايف الحاصل على جائزة مؤسسة شواب للمبادرة الاجتماعية لابتكاره الـ99، أول مجموعة من الأبطال الخارقين مستوحاة من الثقافة الإسلامية... أقتطع الآن فقرة عشوائية من انطباعاته في لقاء دافوس الأخير... «لقد أعدني التطور لهذا الإنجاز.وبطول 7.1 أمتار، كانت عيني بمستوى شارة أسمائهم. لم أكن بحاجة إلى التظاهر بمعرفة أي منهم. جعلني الانتقاء الطبيعي أرى أسماءهم قبل أن يراني حاملها. إن تناسق عقلي وعيني في رؤية وتقييم مثل هذه الأسماء ليس له مثيل. عيني في مستوى جذعه العلوي، وجسمي واسع ليكون حاجزي الدفاعي للهروب، ولو أن حارسه الخاص يتبعه، فإنه يظل مهماً أو معتزاً بذاته، وفي كلتا الحالتين فإنه يستحق مشيي بجانبه بطريقة متخفية، لا حاجة لشد عضلات أرجلي ورقبتي المكشوفة لأطلع على سماته، فأنا خلقت هكذا...» مَن يعرف أو يذكر نايف في وطن «ترى احنا ما نتغير ويارب لا تغير علينا...».