من المفترض أن تكون للحكومة رؤية استراتيجية شاملة سواءً على صعيد برنامج عملها أو منظورها المستقبلي، وتبعاً لذلك يجب أن تكون القرارات المحددة والموجهة لتنفيذ ذلك البرنامج والمنظور قد درست بعناية منعاً لأي ارتباك أو تعطيل لمصالح الدولة والمواطنين، والأهم من ذلك تضييق هامش الاجتهاد الشخصي حتى للسادة الوزراء في ما يخص السياسات والخطط العامة محل التنفيذ.
فقد أرغم الناس قهراً على تصديق مقولة إن هذه الحكومة تمتلك الرؤية الشاملة بسبب الجرعات الإعلامية المنظمة لنقل هذه الصورة في عقول الناس منذ الانتخابات الأخيرة وتشكيل الحكومة الجديدة، حيث نجحت هذه الحكومة في كسب عواطف شريحة كبيرة من المواطنين ورفع معنوياتهم ولو جزئياً عندما تقدمت بمشروع خطة التنمية إلى المجلس، وأعلنت إطلاق حزمة من المشاريع الكبرى قريباً.ولكن يبدو أن بعض قرارات وزير الإعلام ووزير النفط قد تكون الثغرة التي سوف تربك صمود الحكومة حتى الآن وخروجها من اختبار الاستجوابات بالجملة، فطريقة تعاطي الشيخ أحمد العبدالله مع ملف الإعلام الساخن والأحداث الأخيرة التي كادت أن تعصف بالاستقرار السياسي في البلاد والإجراءات التي اتخذها ضد قناة «السور» «بالعافية»، وتردده في التعامل مع قناة «سكوب»، إضافة إلى المأزق الذي قد يضع نفسه فيه في حالة تقديمه أي تعديلات على قانون الصحافة وقانون المرئي والمسموع تتضمن فرض قيود جديدة على الحريات، يمكن أن تقوده إلى ورطة سياسية قد تصل إلى حد المساءلة البرلمانية.وفي القطاع النفطي فإن السيد الوزير قد اتخذ قراراً أقل ما يمكن وصفه أنه غير حكيم لا من الناحية الموضوعية، ولا من حيث التوقيت الزمني، حيث أعطى تعليمات شفهية بوقف كل أنواع التعيين في عموم الشركات النفطية بما في ذلك القطاع الخاص الذي يتعامل مع تلك الشركات حتى إشعار آخر!ومثل هذا القرار بالتأكيد من شأنه أن يربك القطاع النفطي ويزيد جراحاته القائمة، وتأثيره السلبي سوف ينصب فقط على البسطاء من المواطنين، فهناك المئات من الشباب والشابات ومن حملة المؤهلات العليا قد تقدموا بطلبات الالتحاق بالشركات النفطية وبموجب إعلان عام ومسبق، وبعضهم قد استقال من جهة عمله بسبب شروط ذلك الإعلان، كما أجريت الاختبارات والمقابلات الشخصية لشغل تلك الوظائف، وبسبب قرار الوزير أصبح مصير هؤلاء الشباب في مهب رياح المجهول!ويعتب على وزير النفط أن قراراً بتجميد وشل تدفق الدماء الشابة الجديدة في القطاع النفطي جاء فردياً، وحتى دون الرجوع إلى مجلس الوزراء، بل لم يتبع أبسط قواعد وأصول العمل الوزاري في إصدار قرار مكتوب يبين فيه أسباب ومبررات هذا «الفرمان»، خصوصاً أن الإعلان الأخير قد جاء في عهده وبموافقته، ويفترض أن يكون في إطار خطة مؤسسة البترول الكويتية المستقبلية، وبالتالي هو جزء من برنامج عمل الحكومة!وكنا نأمل من الشيخ أحمد العبدالله أن يولي اهتمامه بملف الترقيات والتعيينات في المناصب الإشرافية والقيادية التي هدرت فرص الكثير من أصحاب الحق على حساب الشللية والمحسوبية التي تفشت في مختلف قطاعات النفط، وكان حرياً به أن يبدأ بالكبار وليس بالصغار المساكين الذين يتلهفون لضمان لقمة العيش ويخطون خطوة حقيقية ومصيرية نحو المستقبل، ولهذا نقول للأخ الكريم "بو عبدالله" «يكفيك ما فيك» واتقِ حوبة هؤلاء الشباب الطموحين والبريئين إن ظلموا!
مقالات
وزير النفط... و«حوبة» الشباب!!
12-01-2010