• أظن أن جل القراء، إن لم يكن كلهم، يحفظون عن ظهر قلب حوار فيلم «ابن حميدو» وبخاصة «الماسترسين» المتبدي في المشهد الضاحك المضحك بين بطلي الفيلم «عبدالفتاح القصري» المتجلي في إهاب «سي السيد» ذي الهيبة والسطوة والسلطة، وبين بعلته «النسرة» سليطة اللسان، التي تجابهه بالعين الحمراء المدججة بالمساءلة والاستجواب، كلما زأر فيها صارخا: «أنا كلمتي لاممكن تنزل الأرض أبدا»! لكن النسرة إياها تضطره إلى لحس وعوده وعهوده وتهديده، بمجرد أن تريه العين الحمراء المشفوعة بقولة «حنفي»، والذي يذكرني موقفه المتخاذل بموقف الحكومة الرشيدة التي تهبط بكلمته من سابع سماء إلى الأرض!

Ad

إن التماهي بين «حنفي» الحكومة الرشيدة، وبعلته التي تمثل المعادل الموضوعي لمجلس الأمة يكاد يصل إلى حد التطابق! وقد استمرأت «النسرة» حالة الخشية المستحوذة على سي حنفي، لتفرض عليه أجندتها الطافحة بالمزايدة طوال علاقتهما المتوترة المأزومة، ومع أن «حنفي» في سياق الفيلم يسترد هيبته، ويستعيد دوره المسلوب، إلا أن الحكومة الرشيدة استمرأت هي الأخرى دور «سكانه مرته» المنقاد لمجلس الأمة خشية المساءلة والاستجواب، معزيا النفس بموال «إن كلمته لا ممكن تنزل الأرض أبدا»، لكن هذا العزاء سراب لا يعول عليه من جراء خشية الحكومة الرشيدة من رهاب الاستجواب!

ومن هنا تجد أن النسرة زغردت؛ حين جابهتها «حنفي» الرشيدة على منصة الاستجواب الأخير؛ الذي استردت به الحكومة بعض هيبتها المغيبة في عقدة الاستجوابات!

• إن السجال الدائر في الديرة بشأن اتخاذ ممارسات احترازية ضد مرض إنفلونزا الخنازير بات عبثا يثير ضحكا كالبكاء! فبعد أن حسم الجدل بشأن تأجيل العام الدراسي لمدارس رياض الأطفال وتلاميذ الحضانة ومعاهد ذوي الاحتياجات الخاصة. هل سيكف النواب والكتّاب والوزراء عن السجال بشأن الاجتهادات الخاصة بمجابهة إنفلونزا الخنازير؟ أشك في ذلك! ربما لوجود نفر من بيننا يتنفسون سجالا وجدلا، ويعيشون ويتكسبون من الأزمات! فعلى الرغم من اتخاذ الإجراءات الاحترازية الممكنة لمجابهة المرض واحتوائه، فإن نواب التصريحات النارية إياها مازالوا يهددون كلا من وزيري الصحة والتربية بالاستجواب جزاء وفاقا على منحهما المرض إذن زيارة على كفالتهما! ولذا وجب استجواب وزير الصحة العامة إذا تمادى مرض إنفلونزا الخنازير وأصاب معشر المواطنين الناجين بالعدوى وتبعاته! والحق أن الذي يفلق كبدي ويفقع مرارتي هو ظهور مجلس الأمة بسمت الأكثر حرصا على صحة المواطنين وعافية المقيمين، من أقرانهم الوزراء في الحكومة الرشيدة! وإذا استمرت الرشيدة في ممارسة دور حنفي السالف الذكر، فلن تعدم وجود نواب يطالبونها بإلغاء دوام الموظفين ومنع صلاة الجماعة في المساجد، وكل الفضاءات التي تحضن جمهورا غفيرا بحيث تضطر الحكومة إلى إصدار قرار منع التجول، وتحويل بر الديرة إلى محجر صحي يقف على بوابته وزير الصحة العامة، وبمعيته كبار مساعديه يهتفون بصوت واحد: «أنا لا ممكن كلمتي تنزل الأرض أبدا»، بعد أن تكون تمرغت فيها! وما دامت «الجريدة» تستفتي القراء في مسألة تأجيل العام الدراسي، ليتها- بالمرة- تسألهم عن الموافقة على منع التجول في البلاد، إلى حين يكف فيروس المزايدات عن الحضور في بر الكويت وضواحيها أو إلى أن يكون بحوزة وزارة الصحة العامة ما يشبه «حزام العفة» التاريخي السائد في العصور الوسطى، لتوزعه على الناس عله يدرأ عنهم فيروس الخنازير والأودام بقاعة عبدالله السالم!