الحكم ليس ديمقراطياً
أشار سمو أمير البلاد إلى بيت الداء في سبب تعثر الديمقراطية في الكويت، وهو اعتمادها على الخلط بين النظامين الرئاسي والبرلماني، لدرجة أن ذلك النظام الذي لم يسبق له مثيل في ديمقراطيات العالم قد شوه، في اعتقادي، الديمقراطية وأفرغها من معناها، فلا هو يشبه النظام البرلماني (كالنموذج البريطاني)، ولا هو قريب من النظام الرئاسي (كالنموذج الأميركي)، ولا حتى يقارن بالنظام النصف رئاسي (كالنموذج الفرنسي)، ففي كل الأنظمة الديمقراطية يأتي مبدأ فصل السلطات كمحور أساسي لا تقوم للديمقراطية قائمة بدونه، إذ يعمل على تنظيم العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بحيث يتم توزيع صلاحياتها دون تمركزها في سلطة واحدة، بهدف منع الاستبداد بالسلطة، وضمان حماية الحقوق والحريات من خلال مراقبة كل سلطة للأخرى، وهو ما يقره الدستور الكويتي الذي يتناقض مع ما هو قائم على أرض الواقع، فالحكومة كسلطة تنفيذية تشارك بشكل جلي في سلطات مجلس الأمة التشريعية، ليصبح ثلث أعضائه وزراء معينين (غير منتخبين)، وهو ما أدى في حقيقة الأمر إلى احتدام الصراع بسبب اختلال موازين القوى السياسية لمصلحة السلطة التنفيذية.
وحين نقارن مفهوم فصل السلطات في النظام البرلماني، نجد أن مبدأ التعاون والرقابة يعمل بشكل سلس ومرن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، إذ يشكل البرلمان المنتخب حكومة الأغلبية البرلمانية، لتتوازن سلطة الحكومة بشكل فاعل مع السلطة التشريعية، من خلال صلاحيات متبادلة تعطي للبرلمان حق المراقبة وسحب الثقة، وتمنح في المقابل الحكومة صلاحيات حل البرلمان، ولا يلغي ذلك فعالية الأقلية المعارضة التي تنتقد حكومة الأغلبية وتحاسبها، كما للسلطة القضائية اختصاص مراجعة دستورية القوانين التي تصدر. يصلح ذلك النظام للدول الملكية أو الوراثية، بحيث يحرص رئيس الدولة على تعيين رئيس الوزراء من الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية، لكي يمنح البرلمان بدوره الثقة للحكومة، أما النظام الرئاسي فلا يمكن تطبيقه في النظم الوراثية، إذ يُنتخب الرئيس مباشرة من قبل الشعب، ويكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة، ويتمتع وحكومته باستقلالية شديدة، إذ يمنع الجمع بين عضوية أكثر من سلطة، ولا يحق للبرلمان مساءلة الرئيس أو إسقاط حكومته (المسؤولة أمام الرئيس فقط)، ذلك أن مساءلته تكون من قبل الشعب مباشرة، كما لا يستطيع الرئيس حل البرلمان، ولكن يأتي التوازن والرقابة من خلال موافقة الكونغرس أو رفضه، في النموذج الأميركي، لسياسات الرئيس، وكذلك ضرورة مصادقة الرئيس على القوانين التي يصوغها الكونغرس، وللرئيس حق استخدام الفيتو في حال رفض أي قانون، ليعاد إلى الكونغرس الذي يحتاج إلى أغلبية الثلثين لتمريره دون توقيع الرئيس عليه. أما النظام النصف رئاسي فيجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني، بحيث ينتخب الشعب رئيس الدولة، ولكن يظل رئيس الوزراء مسؤولاً سياسياً أمام البرلمان. وبتلك المقارنة يتبين لنا اعتلال مفهوم الديمقراطية في الكويت في غياب الركائز الأساسية للديمقراطية الحقة، كالفصل بين السلطات وتداول السلطة والتنظيم السياسي، من خلال الأحزاب التي تقنن العمل السياسي بعيداً عن الحسابات الطائفية والقبلية الضيقة، لنصل إلى حقيقة أن الحكم في الكويت ليس ديمقراطياً، وأن السيادة ليست للأمة التي لا تشكل مصدر السلطات جميعاً.****تحية إكبار وإجلال للجمعية الكويتية للهيموفيليا التي بادرت باقتراح تطبيق البروتوكول العلاجي لمرضى النزف، ووافقت عليه وزارة الصحة مشكورة، فحسب عضوة الجمعية د. رنا العبدالرزاق يحتاج هؤلاء المرضى «إلى رعاية متكاملة مدى الحياة»، مؤكدة أنه «إذا لم يتلق المريض العناية والعلاج الكاملين فإنه يتعرض لإعاقات شديدة، ويحتاج إلى إجراء عمليات جراحية»... فشكراً لإشعالكم شمعة الأمل.