في جواب لوزيرة التربية والتعليم العالي د. موضي الحمود عن سؤال النائب د. حسن جوهر عن مشروع التعليم الإلكتروني الذي تقوم الوزارة بتنفيذه، ورد أن الميزانية المرصودة لتطبيق التعليم الإلكتروني في المرحلة الثانوية تبلغ 68 مليون دينار– من بينها 40 مليون دينار لشراء جهاز "لاب توب" لكل طالب- يفترض أن يكون تم تنفيذها في السنة الدراسية المنصرمة، علماً أن المرحلتين الثانية والثالثة لإدخال التعليم الإلكتروني في المرحلتين المتوسطة والابتدائية تتطلبان ميزانيات مماثلة.

Ad

 أما فيما يخص برنامج التدريب على نظام التعليم الإلكتروني فإنه يرد في جواب الوزيرة أن "تصور الوزارة للخطة التدريبية" (لاحظوا أنه مازال مجرد تصور) يشمل التدريب على ورش عمل للإدارة العليا وبرامج لتدريب المعلمين والطلبة على استخدام أنظمة التعليم الإلكتروني.

لا يرد في جواب الوزيرة عن سؤال النائب حسن جوهر أي ذكر للمقررات التي تم تطبيقها بنظام التعليم الإلكتروني، وبالتالي فإن الوزيرة تفترض أن جميع المقررات الدراسية سوف تدرس بنظام التعليم الإلكتروني بمجرد استخدام أنظمة وأجهزة التعليم الإلكتروني، وهذا خطأ فادح وسوء فهم لفلسفة وفكرة التعليم الإلكتروني، فهذا النوع من التعليم ليس مجرد تكديس واستخدام لأجهزة الكمبيوتر والاتصالات، إنما هو منظومة تربوية تستفيد من التكنولوجيا المتوافرة، فالتكنولوجيا وفقاً لفلسفة التعليم الإلكتروني كما يقول Tony Bates- وهو أحد رواد التعليم الإلكتروني- مجرد وسيلة وليست غاية في ذاتها كما يعتقد الكثيرون، وكما هو واضح من فهم المسؤولين في وزارة التربية، الذين يظهرون في وسائل الإعلام، ويتحدثون عن مشروع التعليم الإلكتروني وكأنه مجرد توفير أكبر قدر ممكن من الأجهزة الإلكترونية.

وعلى الرغم من أن الفهم الخاطئ لفلسفة التعليم الإلكتروني يعد ضربة قاصمة لهذا النوع من التعليم فإن الطامة الكبرى هي أن هذا المشروع العملاق الذي يتكلف ما يقرب من 200 مليون دينار على مدى ثلاث سنوات لم يقم على دراسة تربوية أو فنية، وجواب السيدة الوزيرة يؤكد ذلك، حيث ورد في جواب الوزيرة عن اللجان التي تم تشكيلها "لدراسة" إدخال نظام التعليم الإلكتروني إلى المناهج الدراسية أنه تم تشكيل لجنة "إشرافية" عليا للمشروع ولجنة أخرى للتنفيذ، ولم يرد أي ذكر لأي لجان فنية أعدت دراسة فنية أو تربوية للمشروع، ولم ترد هذه الدراسة المفترض وجودها في المرجعية العلمية لتنفيذ المشروع.

 عدم وجود دراسة فنية أو تربوية للمشروع كان أمراً معلوماً لدينا، وجاء جواب الوزيرة ليؤكد هذه المعلومة، لأنه وفي جواب سابق لوزير التربية الأسبق د. عادل الطبطبائي عن سؤال للنائب حسن جوهر يذكر أنه شكلت لجنة لدراسة المشروع في عام 2003، ولكنها لم تنه أعمالها ولم تقدم دراسة رسمية معتمدة.

عدم وجود دراسة فنية أو تربوية لهذا المشروع العملاق الذي بلغت ميزانيته أكثر من 200 مليون دينار يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول آلية اتخاذ القرار في وزارة التربية، وعن أسباب عدم وجود مثل هذه الدراسة بالرغم من المبالغ الضخمة المرصودة للمشروع، وعلى أي أساس يتم تنفيذ المشروع من دون أي مرجعية فنية أو تربوية، وهذا يؤكد حقيقة مؤلمة، وهو أن التعامل مع التعليم لدينا– كما هو بقية الأمور- يسير على البركة أو من خلال اجتهادات شخصية، والنتيجة هو ما نراه من تردي المستوى التعليمي لدينا على الرغم من مئات الملايين التي تنفقها الدولة على التعليم.

 الأمر لا يتعلق بالمال وحده، فسنغافورة ليست أغنى من الكويت ومع ذلك تحتل المرتبة السادسة عالمياً في التعليم الإلكتروني على مستوى المدارس، وماليزيا يوجد فيها أكثر من عشرة آلاف مدرسة وخمسين جامعة وكلية، وكلها مجهزة بوسائل التعليم الإلكترونية، وهي بدأت بمشروع التعليم الإلكتروني منذ عام 1997، بل حتى باكستان تحتل مرتبة متقدمة بين الدول المتقدمة عالمياً في التعليم الإلكتروني، ونحن ما زلنا لم نستوعب مفهوم التعليم الإلكتروني، ونعتبره مجرد تجميع لمجموعة من أجهزة الكمبيوتر... أليس هذا أمرا يحز بالخاطر ويدفع إلى الإحباط أن تتوافر لدينا موارد مالية لا نعرف كيف ننفقها، ومع ذلك يكون لدينا مستوى تعليم في الدرك الأسفل، ومنا إلى ما يهمه الأمر؟!