أخفق «القصيبي» من قبل في نيل منصب مدير اليونسكو لكونه عربياً مسلماً، ولا أستبعد أن يلقى «حسني» المصير ذاته، سيما أنه متهم بمعاداة السامية، وكراهية الصهاينة، ورفضه المبدئي مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، وكأن المناصب الأممية محرّمة على العرب.

Ad

قالت الأنباء الواردة عشية الاثنين 21 سبتمبر الجاري، إن مرشح مصر لمنصب مدير عام اليونسكو، قد تعادل مع منافسته مرشحة «بلغاريا»، الأمر الذي سيؤدي إلى إجراء عملية اقتراع أخرى قد لا تكون الأخيرة بين المتنافسين، وما أشبه الليلة «اليونسكية» بالبارحة! فقد قوبل ترشيح «حسني» بمعارضة حادة في عقر داره، وخارجها من قبل المنظمات الصهيونية الناشطة في الغرب الأوروبي والأميركي، تماماً مثلما حدث للأديب الروائي الشاعر الدكتور غازي القصيبي «مرشح المملكة العربية السعودية» لذات المنصب منذ سنوات خلت. فكلاهما حظيا بمعارضة داخلية من الجماعات الأصولية الإسلامية المتشددة، فضلاً عن معارضة إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية.

وقد أخفق «القصيبي» بالضرورة لكونه عربياً مسلماً، بكل ما ينطوي عليه هذا الانتساب من اتهامات جاهزة، ولا أستبعد أن يلقى «حسني» المصير ذاته، سيما أنه متهم بمعاداة السامية، وكراهية الصهاينة، ورفضه المبدئي مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، وكأن المناصب الأممية محرّمة على العرب، ومحصورة في المرشحين الذين ينالون مباركة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها. ومن هنا تجد أن المنظمات الصهيونية الناشطة في الغرب الأميركي والأوروبي تقود حملة ضارية مناهضة لترشيح «حسني» على الرغم من الجهود المضنية التي قام بها من أجل «ترقيع» نسيج علاقته الممزقة مع إسرائيل جراء تصريحه بحرق الكتب الإسرائيلية، فقد اعتذر عن تصريحه الآنف الذكر، ولحسه بلعاب زلة اللسان. ومع ذلك فإن الممارسات كافة التي قام بها السيد الوزير لكسب ود إسرائيل ورضاء أميركا لم تشفع له البتة!

• ومثلما كنت أتمنى فوز الدكتور «القصيبي» بالمنصب، ينسحب شعوري تجاه نجاح الدكتور «حسني» في عملية الاقتراع القادمة، سيما أنه يمثل مصر والأقطار العربية، ويحظى بمباركة من منظمة الدول الإسلامية، وعلى الرغم من إخفاق الأول الذريع، فإنه لم يخرج من مولد «اليونسكو» بنعال نجدية تعيده خاوي الوفاض إلى عاصمة بلاده، بل إنه عاد إليها متأبطا مشروع رواية ساحرة ساخرة تسجل تجربته- بقضها وقضيضها- كمرشح عربي سعودي لمنصب مدير عام اليونسكو. وبذا خسرت المملكة في ميدان السياسة الدولية، وكسبت في مجال الثقافة مصنفاً إبداعياً روائياً طريفاً، ما كان لمؤلفه أن يبدعه لولا خسارته المؤسفة. ومن هنا: هل نقول للدكتور «فاروق حسني» بأن يتأسى بأخيه المبدع السعودي الشهير، فيشرع هو الآخر في وضع اللمسات الأولى لعمله الإبداعي التشكيلي المتمخض عن معركته الانتخابية «اليونسكية»؟! ولا جدال عندي في أن لوحة «الخروج» من اليونسكو بخفي حنين إياه، ستحظى بإعجاب مريديه، الذين يحتشدون في معارضه الفنية التشكيلية للاستمتاع بها، فضلا عن اقتناء بعضها من قبل المريدين الميسورين القادرين على اقتناء لوحة تشكيلية بثمن ذي أرقام فلكية، والرأي عندي أن الدكتور حسني قد يخسر، كما حدث لأخيه السعودي. لكن ما يعزيهما هو عودتهما إلى حضن الإبداع. فمدير عام اليونسكو قد يتم اختياره بالاقتراع والانتخاب، بكل ما تنطوي عليه من ممارسات سياسية، عرى سوءتها الروائي القصيبي في عمله المذكور آنفا، لكن الفنان المبدع لا يخلقه مرسوم جمهوري، ولا قرار أممي، بل يتخلق ويتجلى ويحضر بإبداعه فقط.

والسؤال المحير هو: لم إصرار الأقطار العربية على ترشيح مبدعين «مشاكسين» محل جدل داخل أوطانهم، دون غيرهم من المرشحين المقبولين من العم سام الوكيل الحصري للمناصب الدولية الأممية؟!