نظرة مختلفة إلى لقاء 
سمو الامير

نشر في 04-05-2010
آخر تحديث 04-05-2010 | 00:01
 د. ساجد العبدلي من المهم ألا نضيّع هذه الفرصة التاريخية، وأن نرى تصريح سمو أمير البلاد بنظرة أكثر شمولية تتجاوز الإطار الضيق المحصور في الخيارين المرين اللذين تخيلهما أغلب من تناولوا الموضوع، ولننظر إليه على أنه دعوة فريدة وشجاعة من قيادتنا العليا، إلى النظر إلى مشكلاتنا الصعبة عبر مستوى جديد ومختلف للتفكير.

خلال الأيام الماضية، وعلى إثر ما جاء في المقابلة الصحفية لسمو أمير البلاد مع صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» الألمانية، التي نشرت بمناسبة زيارة سموه الرسمية الى ألمانيا، وهي التي نقلتها أغلب الصحف، مع تسليط شديد للضوء على الجزئية الخاصة بحديثه عن أن خطأ البرلمان في أداء وظيفته يعود إلى الدستور الكويتي لأنه يمزج بين النظامين البرلماني والرئاسي، فلا هو رئاسي صرف ولا برلماني بالمطلق، وأن هذا الوضع يؤدي إلى تداخل السلطات التشريعية والتنفيذية، وينتهي إلى تنازع بين السلطتين لأن كلا منهما تسعى إلى تقليص صلاحيات الأخرى، أقول على إثر هذه المقابلة، تداعى كثير من الزملاء، كما رأينا، إلى الحديث عن الموضوع، وقد لمست شخصياً أن أغلبهم كان محاصراً بالقلق والتخوف من دلالات هذا الكلام، مما دفع بغالبيتهم إلى القول إن الدستور الكويتي لا تشوبه أي عيوب، وألا حاجة للتفكير في تغييره، كما لا توجد هناك أي ضرورة لذلك، وغير ذلك من الكلام المشابه، ولم يأت أي منهم ببادرة حل أو طرف خيط لإخراج البلاد من أزمتها الضاربة!

نعم، أستطيع أن أرى وبوضوح مبررات الخوف والقلق، باعتبار أن الخيارين المباشرين المتاحين في خيالنا العام والإطار الذي اعتدنا على التفكير في داخله، كلاهما مر، فلا النظام البرلماني الصرف يمكن تطبيقه في ظل واقعنا المجتمعي الفاقد للثقافة الديمقراطية الصحيحة على كل مستوياته، وهذه حقيقة أعترف بها اليوم، للأسف، بكل شجاعة، ولا النظام الرئاسي الخالص يمكن الإقدام عليه باطمئنان تام، فالذاكرة القريبة تحمل وقائع مؤسفة مرت على البلاد، إلا أن هذا لا يمكن أن يجعلني أستطيع تجاهل حقيقة أن البلاد واقعة في أزمة كبرى، وأن كل محاولات الحل التي مرت طوال السنوات الماضية، كانت تكراراً لنفس الحلول مع توقع الوصول إلى نتائج مختلفة.

يا سادتي... أرجوكم، من المهم ألا نضيّع هذه الفرصة التاريخية، وأن نرى تصريح سمو أمير البلاد بنظرة أكثر شمولية تتجاوز الإطار الضيق المحصور في الخيارين المرين اللذين تخيلهما أغلب من تناولوا الموضوع، ولننظر إليه على أنه دعوة فريدة وشجاعة من قيادتنا العليا، إلى النظر إلى مشكلاتنا الصعبة عبر مستوى جديد ومختلف للتفكير، مستوى لم يسبق لنا أن نظرنا من خلاله، ولا حتى جرؤ بعضنا على مجرد التفكير فيه.

صدقوني، لا خلاص إلا بالنظر إلى واقعنا وإلى مشكلاتنا الصعبة بعيون جديدة، وبعقول أكثر استنارة، وبقلوب أكثر شجاعة، وإلا فلن نخرج من هذه الأزمات.

back to top