من قاع الأرض العميقة يخرج لهم سجيل 2 المتطور ليفشل ما كانوا يعدون له من مخطط ضرب إيران من الثالثة فجراً حتى الثالثة عصراً كما روجت بعض تقاريرهم واقعا أو ترهيبا، ظناً منهم أن إيران يمكن أن تكون عراقا ثانية مع بعض التعديل!
لا تلتقطه شبكة راداراتهم لأن قدرة تشويشه عليها أقوى، ولا تتمكن شبكة درعهم الصاروخية من صده لأنه أسرع من مبادرتهم، ويصيب هدفه بدقة وبثقل كاف ليذكرهم بجرائمهم في الضاحية الجنوبية! ثم إنه قادر على الوصول إلى نحو 70 قاعدة أميركية منتشرة في الإقليم، ستكون في مرماه إذا ما حصل أي عدوان على إيران، وبذلك تكون طهران قد أحبطت ما كان يمكن أن يكون مفاجأة موسم الربيع المقبل! هذا ما يقوله المختصون هنا في طهران حول تجربة صاروخ سجيل 2 المتطور، واعتباره واحدة من المفاجآت العديدة التي تحتفظ طهران بأسرارها لضرورات استراتيجية الدفاع الوطني، تماما كما هي الحال مع حكاية منشأة «فردو» القريبة من مدينة قم المقدسة التي لم يعلن عنها إلا عشية اجتماعات مجموعة العشرين،حيث كان كل من ساركوزي وأوباما يحضران مفاجأة الإعلان عنها باعتبارها منشأة سرية عسكرية أثبت تفتيش الوكالة الدولية، أنها مدنية قيد الإنشاء، لكنها في بطن الجبال بالطبع، وبالتالي فهي محصنة تجاه أي قصف أو هجوم تقليدي! يتحدثون عن «العناد» الإيراني ولا يملكون دليلا واحدا على أن إيران تريد ما فوق حقها أو حصتها. فإيران من حقها، وحسب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الموقعة عليها مبكرا، أن تخصب من أجل إنتاج الوقود النووي بما يفعل ويشغل منشآتها النووية للأغراض السلمية وفي طليعتها الأغراض الطبية والزراعية في مفاعل طهران، والكهرباء من مفاعل بوشهر الشهير. وإذا كنتم غير مطمئنين بل مشككين في نواياها- هكذا ومن دون أدلة- ولأنها فقط دولة عالم ثالثية تغرد خارج السرب أو «غير ديمقراطية على الطراز الذي نهضمه كما هي حال البرازيل أو جنوب إفريقيا مثلا، ولذلك فإنه غير مسموح لها لما هو مسموح للآخرين» كما كان يقول كولن باول. فها هي قد تطوعت وعرضت عليكم تبادلا ليورانيوم مخصب بدرجة منخفضة مقابل يورانيوم مخصب بدرجة أعلى من أجل حالة واحدة محددة هي مفاعل طهران كمبادرة حسن نية، ومن أجل تجسير الثقة، لكنها ولأنها لا تثق بكم ولا بتعهداتكم وبأدلة دامغة يشهد عليها حتى موظفو عهد الشاه البائد- كما ظهر على لسان رئيس منظمة الطاقة الإيرانية السيد أكبر اعتماد في مقابلة الـ«بي بي سي»– فقد عرضت عليكم آلية تبادل معقولة وضمانات متعارف عليها في كل العقود التجارية والاقتصادية، فإذا بكم تخبئون تحايلا وخديعة لسحب احتياطيها من المخزون الاستراتيجي القادرة لوحدها أن ترفع تخصيبه على أراضيها، وستفعل ذلك وبأيد إيرانية لتكون مفاجأتها الجديدة لكم، على غرار المفاجآت السابقة. إنها «الحرب» الاستخبارية إذن، والحرب خدعة كما تعلمون، فلماذا كل هذه الضجة وهذا الصراخ والعويل والضجيج الذي لا يتوقف حول نوايا إيران وعنادها وتعنتها وعدم امتثالها لقرارات الشرعية الدولية؟ حتى في موضوع المنظومة الصاروخية، فإن كل المواثيق والأعراف الدولية تعطي الحق لإيران في الدفاع عن منشآتها الحيوية التي تتعرض لخطر التهديد الداهم من قبل دولة إسرائيل علنا، بكل ما تملك من وسائل الدفاع، التي من بينها حماية هذه المنشآت سواء في إنشاء المزيد منها في بطون الجبال أو الدفاع عنها بشبكة درع صاروخية، أو أن شبكات الدرع الصاروخية الدفاعية ماركة مسجلة باسم أميركا فقط في قوانين الأمم المتحدة ومجموعة الشرائع والأعراف الدولية المعتبرة؟! هل نسيتم أنكم أقمتم الدنيا ولم تقعدوها بعد، وكدتم أن تعيدوا العالم إلى زمن الحرب الباردة البائدة، بل كدتم تدخلون في حرب محتملة مع روسيا بسبب مجرد شعور لم يتم ضبطه في أي تصريح ناهيك عن فعل أو ممارسة إيرانية تثبتون من خلالها بأن إيران تهددكم أو تهدد أمنكم القومي؟! نعم قد تأخذون على إيران دعمها لحركات التحرر ومقاومة المحتل وفي طليعتها المقاومتان الفلسطينية واللبنانية، لكن هذا مرة أخرى ما هو منصوص عليه في شرعة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وكل الشرائع السماوية والأرضية الأخرى، وبينما تعمل فيها إيران نصا وروحا فإنكم تقوضونها يوميا من خلال دعمكم ومساندتكم غير المبررة وغير المرضي عنها حتى من قبل بعض حلفائكم وأصدقائكم، ناهيك عن كونها مخالفة صريحة لشرعة الأمم المتحدة المناهضة لحروب الإبادة والتمييز العنصري الشاذ الذي ظن العالم أنه انتهى مع نهاية مأساة جنوب إفريقيا وتسامح أهلها الأصليين وقادتها، فإذا بكم تحيون هذا السلوك من جديد، بل تفاوضون سرا ومن تحت الطاولة بما فيها الدولة الإيرانية على ذلك مقابل إعطائها ما تشاء، أي الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي وتقديم الضمانات على ذلك ووقف دعم المظلومين والمعتدى عليهم، بل المشاركة في قمعهم من خلال برنامج ما تسمونه مكافحة الإرهاب! أليست هذه هي كلمة السر وجوهر ما تطلبونه من إيران في كل رزم مقترحاتكم الغربية «الإغرائية» منذ نحو ست سنوات حتى الآن؟! لماذا لا تقولون الحقيقة للعالم كما هي ودون رتوش؟! إن إيران مصممة على اكتساب كل معارف العصر وفنونه وتقنياته، بما فيها التقنية النووية، لأنه السلاح الأمضى الذي لا يمكن قصفه بأي سلاح كان كما كرر محمد البرادعي مراراً أليس كذلك؟! ثم إن إيران- وهذا ما ينبغي أن يعرفه الغرب جيداً، وأظن أن أغلبية بلدانه تعرف ذلك- ليست العراق ولا ليبيا ولا كوريا الشمالية ولن تكون، فإيران هي إيران المصممة على الدفاع عن استقلالها والمصممة على نيل حقوقها كاملة وبالطرق القانونية المعروفة والمتبعة في العلاقات الدولية، ولكنها مصممة أيضا بالدفاع عن كل ذلك بكل ما تملك من وسائل الدفاع التي تكفلها لها شرعة حقوق الإنسان، وكل الشرائع السماوية والأرضية، ومن لا يعجبه ذلك فإنه هو المعاند وهو المتعنت وهو الخارج على القانون الدولي ولا يريد الامتثال للقوانين الدولية المعتبرة! * الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
حزم إيران وعناد الغرب!
21-12-2009