لا يحق لجنس أن يعلن تفوقه على الآخر فسيولوجيا أو نفسيا، ففي النهاية نحن كبشر نتاج التعليم والتربية والبيئة والخبرة العملية كما «كروموسوماتنا» وما تحمله من جينات، فالمرأة إنسان مثل الرجل «لا ناقصة ولا زايدة عنه».

Ad

أكاد أشعر بالإهانة ونحن في القرن الحادي والعشرين، ومازلنا نناقش على مستوى الدولة إن كانت المرأة قادرة على تولي مناصب في النيابة العامة أو القضاء بحجة أننا ناقصات عقل ودين ومخلوقات من ضلع أعوج، ولن أدخل في الجدل الديني فهو ليس اختصاصي ولا محط اهتمامي، فقد عوّدنا «علماؤنا» أن يجدوا لنا المخرج الديني متى ما رغبوا، تماماً كما حدث في حقوق المرأة السياسية التي رفضت لنفس الأسباب وتحت نفس المبررات، ثم بقدرة قادر أصبحت حقاً «وواجباً» دينياً مكتسباً... الأهم أننا في دولة مدنية يجب ألا نحتكم فيها للفتاوى والآراء الدينية إنما للدستور الذي منع بشكل واضح التمييز على أساس الجنس.

الجدل الذي يستحق الحوار هو ما إذا كان هنالك سند علمي لقصور قدرات المرأة بشكل عام، وبقدراتها على اتخاذ القرار الموضوعي بشكل خاص، فالأبحاث تثبت يومياً أن مخ المرأة والرجل مختلفان، فما أثر ذلك في الأداء والقدرات؟ باختصار وتبسيط شديدين: إحصائياً مخ الرجل أكبر من مخ المرأة بحدود 11 إلى 12% بشكل يتماشى مع حجم الرجل بشكل عام نسبياً، ولكن بالمقابل تملك المرأة روابط أكثر بين خلايا مخها مما يجعلها أكثر كفاءة في استخدام مساحاته وأسرع في استرجاع الذكريات، كما أن المرأة قادرة على تشغيل فصي المخ بسهولة بينما يبقى الفص الأيسر للرجل هو السائد.

كثرة الروابط وعمقها تجعل الفاصل بين الفص الأيمن والأيسر لدى المرأة أكبر، وهذا رغم فوائده الواضحة فإنه يحد من إمكاناتها الفراغية والهندسية مقارنة بالرجل، وهذه الروابط أيضاً ما تجعل المرأة أسرع نسبياً في التشافي من تلف المخ وبعض الأمراض العصبية التي تتمركز في جانب محدد من المخ كالديسلكيا مثلاً.

الجانب الأيسر عادة أقوى لدى الرجل (الجانب المسؤول عن التحليل والرياضيات واللغة)، في حين تتوزع مراكز اللغة في جانبي المخ لدى المرأة مما يجعلها في الغالب أكثر قدرة على التعبير واستيعاب التواصل المباشر وغير المباشر من الآخر.

يتعامل كل من المرأة والرجل مع التوتر والضغوط النفسية بشكلين مختلفين، ففي حين يثير التوتر رد فعل «الهجوم أو الإحجام» لدى الرجل، فهو يثير لدى المرأة الرغبة في الرعاية والتواصل (tend-and-befriend).

هذه بالطبع فروقات إحصائية، فهنالك عالمات في الرياضيات والفلسفة وشعراء وفنانون موهوبون، كما يوجد رجل غبي ذهنياً وامرأة متخلفة عاطفياً، والعالم والعمل بحاجة للمهارات كافة الخاصة بالجنسين لينمو ويتطور، وفي المحصلة لا يحق لجنس أن يعلن تفوقه على الآخر فسيولوجيا أو نفسيا، ففي النهاية نحن كبشر نتاج التعليم والتربية والبيئة والخبرة العملية كما «كروموسوماتنا» وما تحمله من جينات، فالمرأة إنسان مثل الرجل «لا ناقصة ولا زايدة عنه».