أبسط تعريف للعنصرية، ومن دون الدخول في تعريفات كثيرة متشابكة، أنها «إحساس فرد أو مجموعة من الأفراد أنهم أفضل من غيرهم وأرقى شأنا»، وذلك دون وجه حق أو أسباب تتعلق بالقدرة والكفاءة، ولكن لاختلافهم عنهم في الدين أو اللون أو العائلة... إلخ.

Ad

وفلسفيا يعتبر «إبليس» أول العنصريين، إذ اعتبر نفسه أرقى شأنا وأعلى مكانة من باقي الملائكة الذين سجدوا لآدم فرفض السجود، بل اعتبر نفسه أفضل من آدم ذاته لا لشيء إلا لأنه خلق من نار «قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» (الأعراف 12).

العنصرية سلوك مجتمعي لا يفرض بقانون أو دستور (باستثناء ما كان في الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا) فيشعر بعض أفراد هذا المجتمع بتميزهم وأفضليتهم عن باقي الأفراد، ومن أشهر أمثلة العنصرية كما هو معروف ما كان يحدث في الولايات المتحدة في القرنين السابقين.

وعودة إلى العنصرية في عالمنا العربي، حيث إنه لا يمكن إثباتها بقانون كما ذكرنا، فقد يرى البعض أنها اتهامات مرسلة، ولكن باعتبارها سلوكا مجتمعيا يمكن للجميع التأكد من وجودها، وعلى سبيل المثال تتهم مصر- مثل بعض دول أوروبا- بالعنصرية الدينية، حيث لا يتولى الأقباط بعض المناصب الحساسة (بالتعبير المصري الشائع)، وفي دول أخرى هناك تضييق غير مبرر على مذاهب من ذات الدين الرسمي للدولة، كما يحدث في الكويت مثلا، فضلا عن أمثلة أخرى كثيرة للعنصرية.

وما الادعاء برفض منح الجنسية للبدون بدعوى المحافظة على التركيبة السكانية إلا ستار يخفي فكرا عنصريا، كما ذكرت وذكر غيري في مقالات سابقة،

بل توجد- وللغرابة- عنصرية جغرافية، فيوجد ما يعرف بالمناطق الداخلية والخارجية، وتختلف حقوق ومزايا المواطنين تبعا للموقع الجغرافي!

ذكر أحد «المستكتبين» في جريدة يومية تعليقا على حوادث الاعتداء على الأطباء بأن السبب يعود إلى الأطباء أنفسهم! وبذكاء عبقري اكتشف أن الأطباء المعتدى عليهم من جنسية واحدة لا تهتم بالإنسان، وهذا دليله في مسؤولية الأطباء عما يحدث لهم!! وبنفس اللامنطق المتهافت والفكر الطفولي تناسى المستكتب أن المعتدين جميعا ينتمون إلى جنسية واحدة أيضا، فهل يمكن اتهام أصحاب هذه الجنسية بأنهم مجموعة من الأشرار وقطاع الطرق و«البلطجية»؟!

لقد انتهت العنصرية أو كادت أن تنتهي في العالم كله، وتولى رئيسان أسودان الحكم في أكبر دولتين عانتا بسبب العنصرية أعواما طويلة، وكان اللون- تحديدا- أكبر عامل في هذه العنصرية، فهل مازال بين ظهرانينا من يؤمن بالفكر العنصري ويروج له؟!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء