الإعجاب بالاستجواب... ولكن!
بحكم أنني من مؤيدي الاستجوابات، فقد كان الاستجواب الذي تمَّ يوم أمس رائعاً بكل المقاييس، ولم تحدث فيه مفاجآت تعكر صفو استكمال إجراءاته، وقد أبلى النائب مسلم البراك بلاءً حسناً، فباستثناء بعض الجزئيات، فإنه ظل ملتزماً بمحاور الاستجواب وأبدى حرصاً ملحوظاً على عدم تحويل سياق الاستجواب إلى خارج إطاره، من جانب آخر يُحمَد للحكومة أنها لم تستخدم أياً من الوسائل المتاحة كإحالة الاستجواب إلى المحكمة الدستورية، او تأجيله، او طلب جلسة سرية. وعلى الرغم من أن بعض ردود الوزير لم تكن كافية، فإنه استطاع أن يرد على بعض النقاط باقتدار.وباستثناء بعض اللقطات خارج النص، فإن الاستجواب كان نموذجاً يحتذى به في الممارسة السياسية الديمقراطية بغض النظر عن أين تقف، وبغض النظر عما إذا كنت مؤيداً للمستجوِب او للمستجوَب. والصورة التي خرج فيها الاستجواب ليست الا تعزيزاً للمسيرة الديمقراطية، والتي لا يفترض ان يفت في عضدها مزيد من الاستجوابات المتوقَّعة، بل يدعمها ويقويها.
بالطبع هناك محطة قادمة في الأول من يوليو، وهي معركة طرح الثقة، التي ستبدأ معها معركة الأرقام، فالمؤيدون لحجب الثقة في حاجة إلى 25 صوتاً، ويبدو أن لديهم رقماً قريباً من الـ25، وسوف يجتهد الطرفان في الحصول على الاصوات اللازمة، ومن المؤكد أن الحكومة لن تدخل التصويت، إن لم تكن متأكدة من نجاح الوزير في اختبار الثقة.إلا انه، ومع ادراكنا وتأييدنا للاجراءات الدستورية وادواتها، فإن أسوأ ما يمكن ان نلاحظه هنا هو تحول الاستجوابات، ومِن ورائها طرح الثقة، الى حالة استقطاب اجتماعي تضيع فيه الحقوق، وتتوارى فيه الحقيقة، ويصبح استغلال تلك الاستقطابات فرصة سانحة للانتهازيين لتمرير وتفويت العبث بمستقبل البلاد، والتلاعب بالمال العام. من يرَ أن الوزير غير أهل للثقة بسبب سياسته فليحجبها عنه، ومن يرَ غير ذلك فليمنحه إياها، أما ان يتم منح الثقة او حجبها لاعتبارات اجتماعية أو فئوية، وليست سياسية، فتلك هي الطامة الكبرى، ولا حول ولا قوة الا بالله، وتلك هي الآفة التي ستدمر العملية السياسية برمتها. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء