تحقق النيابة العامة هذه الأيام في عشرات من شكاوى الحسبة المقدمة من أحد المواطنين الملتزمين دينيا، ضد جميع الصحف المحلية، وذلك من أجل إحياء فكرة دعاوى الحسبة التي أقدمت على إقامتها مجموعة من دعاة الالتزام الديني في فترة التسعينيات ضد عدد من الكتاب والصحافيين، من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

Ad

ويساعد صاحب شكاوى الحسبة وللأسف في تحريكه جملة من الشكاوى على الصحف وكتابها أمران، هما أن التقدم بشكاوى الجنح سواء الخاصة بالصحافة أو المرئي والمسموع مجاني ولا يقابله أي رسوم، ومن يريد تقديم الشكوى فما عليه سوى كتابة ورقة واحدة ضد رئيس التحرير والصحافي أو الكاتب في الصحيفة التي نشرت العدد، ويطلب التحقيق فيها من خلال النيابة العامة لتشرع في استدعاء الصحافي ورئيس التحرير، وإذا لم يمثلا للتحقيق، تقوم النيابة بإبلاغ إدارة المباحث الجنائية لاستدعاء الصحافي أمامها للتعهد بعدها والمثول أمام السيد رئيس النيابة العامة للتحقيق معه في وقائع السب والقذف أو حتى لنشره صورا برأي «صاحبنا» مقدم شكاوى الحسبة ضد الصحف ورؤساء تحريرها!

بينما الأمر الثاني هو أن قانون المطبوعات الأعور لم يحدد من هو صاحب التقدم بالشكاوى إلى النيابة العامة، وللأسف النيابة العامة طالبناها مرارا وتكرارا بالانتصار إلى نصوص قانون الإجراءات الكويتي، الذي يعد الشريعة العامة لقانون المطبوعات والنشر إلا أنها تريد مسايرة رأي محكمة التمييز الموقرة، والتي أصدرت حكما شجع الراغبين في تقديم الشكاوى من دون أن يكون لهم صفة في تقديمها على الرغم من وضوح نصوص قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، ونتيجة لسرعة إقرار قانون المطبوعات والنشر وعدم سماع اللجنة التعليمية للمثالب التي تم طرحها لعيوب مشروع قانون المطبوعات والنشر، وتحديدا إغلاق باب دعاوى الحسبة للمتصيدين، فما كان من المتصيدين سوى العودة مرة أخرى والبدء في تقديم شكاوى الحسبة، والتي باتت اليوم تمثل لهم الشغل الشاغل وتنقيب الصحف والمجلات في محاولة لإرهابها فكريا.

أتمنى من النيابة العامة وعلى رأسها المخلص للعدالة النائب العام المستشار حامد العثمان هذا الرجل الفني والمحنك قانونا أن يوقف سيل الشكاوى التي ليس لأصحابها أي صفة، والتي يكون هدفها مصلحة أصحاب الحسبة، وأتمنى منه ان يقرر حفظ الشكاوى ومن يريد التظلم فعليه اللجوء الى القضاء، فقانون المطبوعات والنشر وإن كان لم ينص على حظر تقديم الشكوى من غير ذي صفة فإنه أعطى لوزارة الإعلام حق تحرير المخالفات على الصحف، وأعطى للمجني عليهم الموظفين والأشخاص وحدهم تقديم الشكاوى، وإذا لم تحرك الوزارة المخالفة ولم يتحرك المجني عليهم الأشخاص أو الموظفين عليها فكيف نستمر بالسماح لمن لا صفة لهم بالنيل من حرياتنا من دون أدنى صفة أو مصلحة حقيقية، لا يريدون من ورائها سوى إخضاع الحريات الصحافية لهواهم في ظل السكوت المريب والمستمر للمشرع الكويتي.