*العمالة الوافدة والتركيبة السكانية
الحديث عن العمالة الوافدة حديث ذو شجون، شجن كويتي وشجن خليجي وشجن عربي، فالعمالة الوافدة في الكويت يبلغ عددها 1,475,000 يمثلون 156 جنسية و70% من إجمالي سكان الكويت البالغ عددهم 2,273,000 وتحتل العمالة العربية نسبة ضئيلة منها، وتبلغ العمالة الآسيوية في دول الخليج 14 مليون شخص وفق إحصائية شملت عدد سكان هذه الدول في عام 2007، ويتوقع العلماء الباحثون أن يصل عدد العمالة الوافدة في دول الخليج بحلول عام 2015 إلى 20,484,000، أي ما يجاوز العشرين مليونا، ستصل نسبة العمالة الآسيوية فيها إلى 85% ولا تزيد العمالة العربية فيها على 11% و4% من جنسيات أخرى.* القضايا الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والواقع أن قضية العمالة الآسيوية قضية شائكة، فثقافة هذه العمالة وتقاليدها وعاداتها تختلف اختلافا جذريا عن الثقافة والتقاليد والعادات العربية، ومن شأن هذا الاختلاف، ونشأة الأبناء وتربيتهم في ظل هذه الثقافة الدخيلة على المجتمع، أن تمحو الهوية العربية للأجيال القادمة. وهي قضية لها، فضلا عن البعد السياسي والاجتماعي، بعد أمني يهدد استقرار المنطقة، ويزيد من الجرائم وأعمال العنف فيها، وبعد اقتصادي، حيث تحول العمالة الوافدة ما قيمتة 29 مليار دولار سنويا من الدخل القومي في منطقة الخليج، بالرغم من تدني أجورها، والبطالة المقنعة المتفشية فيها، لذلك يعتبر هذا الرقم معبرا أيضا عن المستوى المعيشي المتدني للسواد الأعظم في هذه العمالة.* إضراب بعض العمالة الوافدةوقد شهدت الكويت في السنتين الأخيرين، بعض الإضرابات، من العمالة البنغالية وغيرها، وهو أمر لم تعهده الكويت من قبل في العمالة الوافدة، إلا أنه كان أمرا متوقعا، بسبب ما آل إليه أمر الفئات التي أضربت من حرمان من كل حقوقها المشروعة، ومنها حقهم في الأجر الضئيل المقرر لفئات كثيرة لهم، ولكن الذي آثار الدهشة والاستغراب، أن هذه الفئات، تؤدي خدماتها للجهات الحكومية، من خلال شركات كويتية تتقاضى من هذه الجهات أضعاف الأجور التي تعاقدت عليها مع العمالة الوافدة التي أضربت لعدم صرف أجورها. وآلمني كما آلم غيري ما سطرته بعض الأقلام- وقتئذ- من المطالبة بترحيل هذه العمالة المطالبة بأجورها الضئيلة، وذلك بسبب ما اقترفته من إثم الإضراب الذي اعتبرته بعض هذه الأقلام حقا مكفولا للكويتيين وحدهم، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام «أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».* التوصيات الدولية واستعدت في الذاكرة، المطالبات المتكررة للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة من الكويت، بضرورة الالتزام بالعهد الدولي لهذه الحقوق، بالنسبة للعمالة الوافدة، وأن اللجنة أبدت في كل اجتماعاتها بشأن شروط وظروف العمل بالنسبة إلى العمال المهاجرين، قلقها من عدم وجود حد أدنى للأجور في القطاع الخاص، والقيود الخاصة بالحق في الانضمام إلى النقابات بالنسبة إلى غير الكويتيين، كما أبدت اللجنة قلقها- بالرغم من وجود لجنة لحقوق الإنسان في البرلمان- من عدم وجود مؤسسة مستقلة خاصة بحقوق الإنسان، مثلما تنص على ذلك مبادئ باريس (قرار الجمعية العامة 48/134 لسنة 1993)، وهي المؤسسة التي سعى المناضل الراحل جاسم القطامي إلى تأسيسها. ومن بين ما أوصت به اللجنة أن ترفع القيود المتعلقة بالحق في الإضراب، وأن تفتح المجال لجميع العمال للالتحاق بنقابات العمال، بمن في ذلك العمال المهاجرون وذلك وفقا للمادة (8) من العهد، كما حثت اللجنة الكويت على اتخاذ جميع الخطوات المتاحة لتكفل عدم تأجيل آخر في مواعيد إقرار وإصدار قانون العمل وتنفيذه، أملا في أن يتبنى هذا القانون توصيات اللجنة.* قانون العمل والحق النقابيوكان قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 38 لسنة 1964 قد قيد حق العامل غير الكويتي في الانتساب إلى النقابة بقيد زمني هو أن يكون قد مضى على وجوده بالكويت مدة خمس سنوات متتاليات من تاريخ صدور هذا القانون، وحرمه من حق الانتخاب وحق الترشيح، وأعطى القانون للعمال غير الكويتيين المنضمين للنقابة الحق فقط في أن ينتدبوا من بينهم من يمثلهم ويبدي وجهة نظرهم لدى مجلس إدارة النقابة دون أن يكون له صوت في هذا المجلس.ولكن القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي الصادر في 10/2/2010، بدلا من أن يزيل القيود المفروضة على الحق النقابي بالنسبة للعمال غير الكويتيين (بموجب قانون العمل رقم 38 لسنة 1964)، وفقا للتوصية الدولية، أزال هذا الحق تماما بقصر الحق النقابي في المادة (99) على الكويتيين وحدهم في الوقت الذي يبيح لكل أصحاب الأعمال، دون تمييز، تكوين اتحادات فيما بينهم.* الانتقاص من حق دستوريوالواقع أن القانون الجديد لم يعصف بالتوصية الدولية وحدها فحسب، بل عصف كذلك بحق دستوري كفله الدستور في المادة (43) التي نصت على حرية تكوين النقابات، بحكم عام يشمل جميع عمال الكويت، وليس قصرا على العمال الكويتيين وكان اقتراح قد قدم في المجلس التأسيسي بقصر هذا الحق على الكويتيين، إلا أنه لم يلق موافقة من بقية أعضاء المجلس (جلسة المجلس التأسيسي بتاريخ 11/9/1962 المضبطة 19 (ص 29 ـ35). ومن المقرر وفقا للقضاء الدستوري المستقر ومنه قضاء المحكمة الدستورية العليا في مصر أن تنظيم المشرع للحق الدستوري ينبغي ألا يعصف به أو ينال منه، وأن القواعد التي يتولى المشرع وضعها تنظيما لهذه الحقوق الدستورية، يتعين ألا تؤدي إلى مصادرتها أو الانتقاص منها، كما يتعين ألا تخل بالقيود التي يفرضها الدستور في مجال هذا التنظيم (الحكم الصادر بجلسة 15/4/1989 ق 23 لسنة 8 ق دستورية عليا).* النقابات صمام أمن وأمانإن النقابات في الدول المتقدمة هي صمام أمن وأمان للاستقرار الأمني والاجتماعي والاقتصادي، فالغرض من تكوينها رعاية مصالح العمال والعمل على تحسين حالتهم المادية والاجتماعية، وتمثيلهم في جميع الأمور الخاصة بهم لوقوف الدولة بكل أجهزتها المعنية وأصحاب الأعمال على أحوال العمال والتواصل معهم لحل مشاكلهم وتطبيق القوانين عليهم بعدالة وإنصاف.والنقابات- وفقا لقانون العمل الملغى والجديد- محظور عليها الاشتغال بالمسائل السياسية والدينية أو المذهبية، فلماذا يحرم القانون العمال غير الكويتيين وهم السواد الأعظم للعمال من حق تكوين النقابات؟ وإن انخراط العمالة الوافدة في العمل النقابي من شأنه تفعيل هذا الحظر لعدم اهتمام هذه العمالة بالعمل السياسي أصلا في الدول التي تعمل بها، بما يحد من تجاوز بعض النقابات الحالية عملها النقابي إلى العمل السياسي. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
ما قل ودل: الحق النقابي للعمالة الوافدة صمام أمن وأمان
22-03-2010