العقار ومواد البناء: إبراهيم المشعل لـ الجريدة•: الكويت لا تمتلك مقومات التحول إلى مركز مالي وتجاري دولي

نشر في 08-02-2010 | 00:05
آخر تحديث 08-02-2010 | 00:05
«قانون الاستقرار قصير الأمد ولا يعالج المشكلة بصورة كاملة»
قوانين في دائرة الشك، وأخرى فاشلة، وثالثة لا تسمن ولا تغني من جوع، وضعف الحوكمة في مجالس إدارات بعض الشركات، وضعف رقابة البنك المركزي على هذه الشركات، كل ذلك أدى إلى وقوعها في شرك الأزمة المالية، والحكومة تتغاضى وتتجاهل الطريق القصير للحلول المجربة محلياً وعالمياً، وتعمل بشكل جدي على تفادي استخدام المال العام لحل المشكلة الائتمانية ومشكلة القطاع المصرفي، فيتناقض هذا مع تجارب كل الدول الأخرى لحل هذه المشكلة، والكويت لا تمتلك حاليا المقومات للتحول إلى مركز مالي وتجاري دولي، لأسباب كثيرة، أبرزها عدم وجود التميز التنافسي مقارنة بدول المنطقة.

لا تزال قضايا القوانين، التي سنها مجلس الأمة أخيراً، عبئاً على الحياة الاقتصادية في الكويت، ما دعا الكثير من الشركات إلى اختيار طريق الهجرة بحثا عن فرص في أجواء قانونية أكثر يسراً وسلاسة... بهذه العبارات ابتدأ نائب رئيس مجلس إدارة شركة عمار الدولية العقارية إبراهيم المشعل حديثه إلى "الجريدة" في هذا اللقاء:

• كشفت شركات كثيرة انها لن تدخل ضمن المستفيدين من قانون الاستقرار المالي، فما الفوائد التي ستجنيها الشركات الكويتية والاقتصاد الكويتي من هذا القانون؟

- قانون الاستقرار المالي الذي يترقبه الكثيرون قانون لم يقر بعد من المجلس، مما وضعه تحت خانة الشك، حيث إنه قصير الأمد ولا يعالج المشكلة بصورة كاملة، والحكومة تتغاضى وتتجاهل الطريق القصير للحلول المجربة محليا وعالميا، وتعمل بشكل جدي لتفادي استخدام المال العام لحل المشكلة الائتمانية ومشكلة القطاع المصرفي، فيتناقض هذا مع تجارب كل الدول الأخرى لحل هذه المشكلة.

وتدل المؤشرات على ان ايرادات الدولة ستكون على الأقل مستقرة خلال الـ 5 سنوات المقبلة، ويكمن الحل في عمل الدولة على ضخ سيولة في الاقتصاد عن طريق إطفاء الديون المتعثرة مع الحفاظ على حق الدولة، وتشجيع البنوك على الاقراض، والقيام بإصلاح القوانين التجارية لضمان عدم تكرار المشكلة.

• قانون البي أو تي الأخير قالوا إنه ولد معوقا، فما رأيك؟

- هناك خلل جذري في وجود قانون كهذا في الكويت، إذ إن الدول التي تمتلك ملاءة مالية لا تحتاج الى مثل هذا القانون، وقد ذكرنا سابقا ضرورة ان تمتلك دولة الكويت سياسة واضحة لأبعد مدى، وذلك بتوفير الأراضي عن طريق المزادات للحد من الأسعار الجنونية، وتوفير الأراضي لجميع القطاعات الحيوية، السكنية والتجارية والصناعية والخدماتية وغيرها، وهذا الامر يدفع المستثمر والتاجر الكويتي الى عدم الذهاب الى الدول المجاورة والبعيدة لتنفيذ المشاريع بسبب ندرة وغلاء الأراضي.

الإفراط في الإقراض

• البنوك الاسلامية شعرت أنها حققت نصرا حين ربح بيت التمويل الكويتي تمييز الاستشكال المرفوع من قبل وزارة العدل، بخصوص استثنائه من القانونين رقمي 8 و9 / 2008، في ظل عدم وجود اي ردود فعل ازاء هذا الامر من قبل السوق، اي ان السوق العقاري، خصوصا السكن الخاص، لم يكن تجاوبه اكثر من ضجة او سحابة صيف سرعان ما تزول، فما رأيك؟

- المشكلة اكبر من ان يرد عليها بسطور، إذ ليس هناك وجود لقطاع الرهن العقاري، او قد يكون معدوما، وهو يتم على اسس غير متينة لكي يستفيد منها كل من قطاع الاسكان والمصارف، ويرتكز قطاع الرهن العقاري على بنك التسليف والادخار وعلى قطاع المصارف والاقتصاد ككل.

يوجد خلل من خلال هذين المصدرين: اما بنك التسليف والادخار فموارده محدودة سواء التقليدية منها أو الاسلامية، ولا يكاد يلبي طلبات النمو والخطط الموضوعة لبرامج الحكومة لمعالجة الأزمة السكانية، وأما القطاع المصرفي فلا يمكن ان يكون ممولا رئيسيا لقطاع الرهن العقاري في الكويت، بسبب عدم تقديم قروض طويلة الأمد ما بين 10 و30 سنة، وعدم مواجهة المشكلة الرئيسية في التشريعات التي لا تسمح بان ترهن منزلك الأول، ولا يسمح للبنوك بالاقراض على المنزل الأول.

التحول إلى مركز مالي

• الكويت تتجه الى التحول الى مركز مالي وتجاري دولي، فهل تملك تلك المقومات لإنجاز هذه الخطوة؟

- لا تمتلك الكويت حاليا المقومات الى التحول الى مركز مالي وتجاري دولي لأسباب كثيرة، منها عدم وجود التميز التنافسي مقارنة بدول المنطقة، وان هذا القطاع قطاع خدمي بحت. والحل يكمن في انشاء منطقة حرة قادرة على جذب المؤسسات العالمية في هذا المجال عن طريق توفير الاطار القانوني الخارجي عن الاطار القانوني المحلي، مع إيجاد آلية لوجود البنك المركزي كمراقب أو جزء من مجلس الامناء، ثم ازالة جميع الضرائب عن هذه المنطقة، ثم توفير الخدمات الاساسية والبنية التحتية لأعلى المستويات العالمية، وإيجاد البيئة الجاذبة وغير الطلبانية المتحفظة لجذب أكبر العقول العاملة في هذا المجال مع اسرهم، وايجاد جميع العوامل الترفيهية.

وفي حال عدم توافر هذه الشروط والمميزات فإن الكويت غير قادرة على ان تتحول الى مركز تجاري ومالي عالمي، وحين تكون في أحسن حالاتها فبإمكانها التحول الى مركز مالي اسلامي.

• الاقتصاد الكويتي اقتصاد حر والقوانين لا تزال تحكمه وتكبحه وتمنعه من الانفتاح، ما قولك؟

- يجب على الكويت اعادة النظر في قوانينها التجارية ومؤسساتها الرقابية، وبعض الامثلة على ذلك قانون التنافسية، وقانون الافلاس، والمحكمة التجارية.

• الكثير من الشركات التي ترغب في الدخول الى الكويت للاستثمار فيها ترى ان معاملة استقدام العمالة، التي تحتاج الى اشهر، عامل لا يبشر بدخول استثمارات خارجية الى الديرة، ما تعقيبك؟

- نعود إلى القول إن التشريعات التجارية وقانون العمال والتسهيل للمستثمر الأجنبي من أهم العناصر لنجاح فكرة تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري دولي، ويجب على مجلس الامة والحكومة اعادة النظر وتعديل هذه القوانين.

• قانون السماح للخليجيين بتملك العقارات والاراضي في الكويت لم تظهر ثماره على ارض الواقع، فما تعليقك على ذلك؟

- الأسعار وعدم تنظيم القطاع العقاري وعدم وجود رؤية للدولة في توفير الأراضي وعدم وجود سوق تمويل عقاري، هذه بعض العوامل غير الجاذبة للاستثمار في السوق العقاري في دولة الكويت.

• ما المطلوب من مجلس الامة ومجلس الوزراء في الوقت الراهن لإخراج الكويت من الازمة التي بدأت تتعافلا منها اسواق اوروبا والولايات المتحدة الاميركية، ولم تظهر بوادر التعافي على الصعيد المحلي حتى الآن؟

- سيطرت الحكومة على ما يقارب من 75 في المئة من الاقتصاد العام، مما أدى الى صغر الاقتصاد الخاص الكويتي، وعدم وجود فرصة استثمار كافية في دولة الكويت.

لذا يجب على مجلس الامة تحرير الاقتصاد من قبضة الحكومة، وتمرير القوانين المتعلقة بالتخصيص.

• ما المطلوب من وزير التجارة والصناعة الحالي لتنشيط دور "التجارة" في احياء الاقتصاد الكويتي بقطاعاته كافة الخاصة والعامة والمشتركة؟

- هذا هو دور الحكومة ولماذا نخص وزير التجارة لوحده على الرغم من وجود دور قيادي له في مبادرة إعادة النظر والتعديل على القانون التجاري كله، كما عليه العبء الأكبر لاتمام قانون هيئة سوق المال وهيئة حماية المستهلك وبعض القوانين الاخرى التي تم ذكرها مسبقا.

• ماذا يعني إقرار قانون هيئة أسواق المال في الكويت، وما القيمة المضافة التي ستجلبها الهيئة؟

- يوجد اليوم خلل جوهري في سوق الكويت للاوراق المالية، إذ إنه يقوم بدور المراقب والمشرع والمدير، فإقرار قانون سوق المال سوف يفصل التشريع والمراقبة عن الادارة، مما سيؤدي الى ضبط التجاوزات التي لا حدود لها في السوق الحالي، مما سيشجع المستثمر المحلي والاجنبي على التداول في سوق الكويت للاوراق المالية.

• هل ترى أن الازمة الاقتصادية انحسرت بالفعل ام انها مجرد دعاية اعلامية فقط؟  

- لم تنحسر الأزمة بل تتفاقم يوما بعد يوم لتجاهل الحكومة ومجلس الأمة لها، وعدم السعي إلى ايجاد حلول أساسية لهذه الأزمة والقروض المسموحة والموجودة في القطاع المصرفي.

• ما آخر مشاريع شركة عمار الدولية العقارية؟

- يوجد لدينا عدد من الاستثمارات في الكويت وسورية ودبي، ونجري حاليا مفاوضات على مشروع في جمهورية مصر العربية.

• ما قراءاتكم لهذا العام، وهل تتوقعون ان تخرج الكويت اولا ثم العالم من الازمة المالية العالمية؟

- نعتقد أن 2010 سنة مهمة جدا للكويت والعالم اجمع، والنتيجة الأخيرة هي الاعتماد على حل أزمة القروض وايجاد آلية لتحفيز البنوك المحلية بالعودة إلى القروض، أما في العالم فسوف يكون التعافي معتمدا على قرارات الحكومات في كل دولة، كما يوجد لدينا تحفظ على السوق الاميركي بسبب ديون الحكومة الاميركية والعجز في ميزانياتها، أما في اوروبا فنجد أن سنة 2010 ستكون في أحسن حالتها سنة متواضعة، أما في آسيا فإن جميع المؤشرات توحي بأن الصين ستكون القائد الاقتصادي الجديد وكذلك الحال بالنسبة إلى البرازيل في اميركا الجنوبية بشكل عام، فنحن نستبشر بالاسواق الناشئة وستكون اسواقا جاذبة للاستثمار ومنها الشرق الأوسط بالتأكيد.

• هل نجت شركة عمار من الازمة المالية العالمية؟

- نعم، لقد تفادينا اي مخاطرات في الاقتراض على اصولنا، ونحن بحمد الله توجد لدينا ميزانية نظيفة من اي قروض.

• ما الأرباح المتوقع تحقيقها نهاية هذا العام؟

- نستبشر خيرا، وتوقع الارباح سابق لأوانه.

وجود أصول معظم الشركات الاستثمارية

في الخارج يعرضها لتداعيات الأزمة

قال إبراهيم المشعل إنه يجب التفريق بين تداعيات الأزمة الائتمانية المحلية والأزمة العالمية، فمثلا معظم الشركات الاستثمارية في الكويت توجد أصولها في الخارج مما يعرضها لتداعيات الأزمة العالمية، ولكن محليا هناك مشكلة الافراط في الاقراض، وهنا تقع المسؤولية على مجالس ادارات البنوك والبنك المركزي كجهة رقابية مسؤولة عن هذا القطاع، وذلك بموافقتهم على تقديم قروض غير مجدية اقتصاديا، ومثال على ذلك إقراض القطاع العقاري الاستثماري منه والتجاري، بحجة وجود ضمانات على هذه القروض على تقييمات السوق المبالغ فيها.

الحوكمة وضعف رقابة

«المركزي»

قال المشعل إن الشركات الكويتية تأثرت بالازمة المالية العالمية لضعف الحوكمة بمجالس إداراتها، وضعف رقابة البنك المركزي على هذه الشركات ادى الى اخذ قرارات غير صائبة بأسعار مبالغ فيها لشراء اصول محلية وعالمية.

back to top