لايزال هناك، بكل أسف، غيابٌ لأي سياسات الحكومية جدية تعالج مشكلة البطالة بشكل جذري رغم أن للبطالة آثاراً مدمرة تحول طاقات المجتمع الإيجابية إلى سلبية ينتج عنها مشاكل اجتماعية وسياسية وصحية وأخلاقية كثيرة ومتنوعة.

Ad

الدليل على ذلك ما أعلنه مسؤول في ديوان الخدمة المدنية لصحيفة "القبس" بتاريخ 28 مارس 2010 من أن هناك أزمة توظيف في البلاد "إذ ازداد عدد المنتظرين للوطيفة إلى ما يقارب الـ22 ألف مواطن ومواطنة".

وفي ما يشبه الاعتراف بعدم قدرة الجهاز الحكومي على استيعاب الأعداد الهائلة التي تبحث عن عمل وعجز جهات التوظيف في الدولة عن توفير فرص وظيفية جديدة في جهاز إداري حكومي متضخم جداً من الأساس، فقد ذكر مسؤول ديوان الخدمة المدنية: "عملنا جاهدين للخروج من مأزق توفير احتياجات وظيفية للفترة الحالية، لكن الجهات الحكومية تعذرت بأن السنة المالية الجديدة على الأبواب ولا تستطيع توفير درجات وظيفية إلا باشتراطات تعجيزية وإجراءات معقدة"!

لقد نبه الكثير من المختصين والمتابعين للشأن العام إلى أن البطالة في صفوف المواطنين ستتفاقم مع مرور الوقت نتيجة للاختلالات الهيكيلية في سوق العمل ولطبيعة الاقتصاد الكويتي الريعي، وأن السياسات الترقيعية التي تقوم بها الحكومة بين الفترة والأخرى لن تجدي نفعاً لأنها ببساطة لا تعالج لُب المشكلة، بل تتوقف عند معالجة مظاهرها أو النتائج المترتبة عليها مثلما حصل أثناء معالجة قضية المسرحين من شركات القطاع الخاص ومؤسساته. وفي ظننا أن مشكلة البطالة بين المواطنين ستتفاقم بشكل سريع خلال الفترة القليلة المقبلة لأن هناك مَن يدفع في الإسراع في الخصخصة بشكل غير واقعي وغير مدروس مع ما يترتب عليها، أي الخصخصة، من ازدياد في صفوف العاطلين عن العمل كما تبين لنا تجارب العالم أجمع.

ومن المؤسف أن "إطار الخطة" الحكومية الذي أقره مجلس الأمة على اعتبار أنه الخطة الخمسية للدولة لم يبين بشكل تفصيلي كيف ستتصدى الحكومة لمعالجة مشكلة البطالة التي بدأت تتزايد بين المواطنين، وهو ما يعني أن البطالة ستتفاقم وستزداد بالتبعية المشاكل التي تترتب عليها، وهي مشاكل خطيرة إذ أوضحت دراسة للدكتورة نادرة وهدان أن البطالة تعتبر سبباً رئيساً لتفشي الجريمة، حيث إن 78% من مرتكبي جرائم هتك العرض والاغتصاب و65% من مرتكبي جرائم تسهيل الدعارة في مصر هم من العاطلين عن العمل، و75% من عصابات السطو على المنازل واختطاف السلاسل الذهبية هم من الخريجين العاطلين. يضاف إلى ذلك أن البطالة سببٌ رئيس للإدمان والتفكك الأسري والانحراف الأخلاقي، ناهيك عن آثاره السياسية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى.

لذلك فإننا بحاجة ماسة جداً إلى وجود سياسة حكومية جديدة وشفافة لمعالجة مشكلة البطالة تبين الفرص الوظيفية الجديدة التي ستتوافر لشبابنا وشاباتنا في المديين القريب والمتوسط، فهل يا ترى سنرى ذلك قريباً؟ نتمنى هذا قبل فوات الآوان.