عاشوراء يوم الفرح والسرور

نشر في 22-12-2009
آخر تحديث 22-12-2009 | 00:00
 د. صلاح الفضلي ما إن يبدأ شهر محرم في كل سنة إلا وتتكرر الحساسية الطائفية بشكل أو بآخر، فمرة عبر منشورات أو على شكل خطب أو مقالات صحفية أو ملصقات توضع على الجدران أو على زجاج السيارات تتعرض بالذم والقدح للآخرين، وكأن قدرنا في كل مناسبة دينية أن نشهد هذا التأجيج الطائفي، وكأن هناك إصراراً على استمرار هذا المسلك.

لم تختلف الحال في محرم هذه السنة أيضاً، وإن جاءت هذه المرة من خلال اللوحة العملاقة التي وضعها السيد فؤاد الرفاعي والتي كتب فيها «عاشوراء يوم الفرح والسرور»، وهو ما اعتبره الشيعة استفزازاً لمشاعرهم، لأنهم يعتبرون أن يوم عاشوراء هو يوم حزن، لأنه اليوم الذي استشهد فيه الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته في كربلاء.

قد يقول قائل إنه كما أن من حق الشيعة أن يقيموا شعائر العزاء والحزن في عاشوراء فإن من حق السنة الذين يعتبرون أن يوم عاشوراء يوم مبارك لأنهم يعتقدون أنه اليوم الذي نجّى الله فيه موسى أخذاً بما يروونه عن الرسول صلوات الله عليه. صحيح أن من حق كل طرف أن يعتقد بما يشاء، ومن حق من يفرح أن يغني ويرقص كما يشاء، ولكن غير المقبول هو أن يتم التعبير عن هذا الفرح والسرور بصورة مستفزة للطرف الآخر، وليت هؤلاء اقتدوا بالمسيحيين في البصرة الذين ألغوا الاحتفالات العلنية بعيد الميلاد احتراماً لذكرى عاشوراء.

وإذا كانت لوحة «عاشوراء يوم الفرح والسرور» تمثل استفزازاً للشيعة، فإن من الإنصاف القول إن بعض الخطباء في الحسينيات يثيرون الحساسية الطائفية أيضاً بالتركيز على مواطن الخلاف أو استدعاء حوادث تاريخية محل جدل وتنازع.

من المهم أن يتوقف كل طرف عن استفزاز الطرف الآخر، وأن يحتفظ كل طرف بقناعاته لنفسه دون المس بمعتقدات الآخرين، وتزداد أهمية تجنب هذه الأمور في ظل جو احتقان طائفي مشحون في المنطقة قد يجد فيه المتطرفون ذريعة وفرصة لتنفيذ أفكارهم المريضة.

وما دمنا في الحديث عن موضوع إثارة الفتن، فلابد أن نعرج على شكل آخر من أشكال الفتنة، وهي الفتنة العنصرية، فما يقوم به محمد الجويهل من تمزيق للمجتمع بتقسيمه إلى أصلاء وأغراب هو مثال صارخ لتمزيق الوحدة الوطنية. لا أكاد أصدق أن ما يقوم به الجويهل هو جهد فردي نابع من قناعة شخصية، ومن الواضح أن هناك من يشجع الجويهل على ما يقوم به، وأصابع الاتهام توجه إلى عدة أطراف وشخصيات، وأيا يكن هذا الطرف أو هذه الشخصية فإن عليه أن يعلم أن ما يقوم به الجويهل لعب بالنار، وكعادة الحكومة في الوصول متأخرة، فإنها لم تقدم على إيقاف قناة الجويهل المسماة «السور» إلا بعد حفلة الشتائم والقذف التي يعف عنها اللسان، والتي وصلت إلى درجة متدنية من الإسفاف، مع أن بوادر فتنة «الجويهل» بدأت منذ أشهر عديدة وقيامه بفتح قناة خاصة به لإكمال مسلسل الفتنة، والطامة الكبرى أن وزارة الإعلام تدّعي أنها لم تكن تعلم أن القناة تبث من الكويت.

مظاهر الفتنة الطائفية والفئوية كانت موجودة في السابق ولكن على استحياء، ولكنها باتت مكشوفة «ومصلعة»، وما لم يتم الأخذ على يد من يوقد نارها فإن أوارها سوف يطول الجميع.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top