الخصخصة وملامح سوق العمل 


نشر في 27-04-2010
آخر تحديث 27-04-2010 | 00:00
 د. ندى سليمان المطوع عادت اتجاهات متعددة للتداول الاقتصادي للظهور وطرح العديد من الأسئلة حول حجم الدور الحكومي القادم في إدارة الاقتصاد في مرحلة ما بعد التخصيص، وتحديدا في حدود مشاريع نقل الملكية من منشآت وخدمات إلى القطاع الخاص، بافتراض أن الدولة باعتبارها المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، ستسعى لدفع عجلة النمو إلى الأمام، كما نشط المهتمون بالسياسات الاقتصادية في إعادة إحياء مدراس الفكر الاقتصادي «الكينزي» الذي لا يخطر على البال إلا من خلال الأزمات المالية العالمية، كأزمة عام 2007 وفترة الكساد العظيم في الثلاثينيات. 

وفي ظل الاهتمام بموضوع الخصخصة باعتباره حيويا وجزءا أساسيا من خلال المرحلة التنفيذية للخطة التنموية المطروحة، تبقى أسئلة كثيرة تدور في الذهن، وأبرزها: ما خطة أو حتى ملامح الدور الحكومي القادم في النشاط الاقتصادي؟ أهي تحريك وضخ للأموال، أم هي نقل ملكية وإدارة؟ أم هي شراكة والتي تسمى: 

?»private public partnership» (ppp) 

والسؤال الآخر الذي يتبادر إلى الذهن خاص بملامح سوق العمل، فهل فعلا ستحرص الدولة على إدراج شروط وقوانين تلتزم بها الشركات في تمكين الشباب الكويتي من الوظائف المصاحبة للمشاريع التنموية؟ وهل ستلتفت المؤسسات الحكومية إلى الاهتمام بالموارد البشرية الحالية في ظل معايير الإنتاجية؟ أم هل سيستمر التعيين وخلق الكوادر انصياعا لنواب الدوائر «الحقوقية» وذات الأصوات المرتفعة؟ 

أعتقد أن على واضعي الخطط الاستراتيجية الالتفات في المرحلة القادمة إلى آليات الانتقال التدريجي من القطاع العام إلى القطاع الخاص، ولن يتم ذلك دون الاستعداد لعملية تقييم شاملة للخدمات التي تطرحها الحكومة واحتساب التكاليف ثم القيام بدراسات الجدوى. أما ملامح سوق العمل فاسمحوا لي أن أستعين بنتائج أحد استطلاعات الرأي التي نقوم بها بين الحين والآخر، حول الشباب والعمل، والذي وضّح بعض ملامح هذا السوق من وجهة نظر الشباب الباحث عن عمل وهي كالتالي: 

• القطاع الخاص فاقد للجاذبية، وذلك بعد قيام العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة بالتسريح وإعفاء الموظفين من المكافآت السنوية، وبالمناسبة لم يشهد ذلك القطاع «الفزعة البرلمانية» التي تتناسب مع الخسائر التي تعرض لها هؤلاء الموظفون من جراء فقدانهم لوظائفهم. 

• عدم مقدرة القطاع الخاص على مواكبة ومنافسة سياسة الإغراق الحكومي لموظفي الدولة تحت مسمى إنصاف الكوادر أو توزيع الحوافز الحكومية. 

• القطاع الحكومي، مازال جاذبا للخريجين بسبب الحوافز المادية المستمرة، وساعات العمل القليلة والاكتفاء بالإنتاجية المتواضعة، وعلى الرغم من أن الاستيعاب الوظيفي للداخلين الجدد إلى سوق العمل لا يتطرق لإحلال العمالة المنتجة بدل العمالة غير المنتجة، أو تحفيز العمالة الوطنية على الإنتاجية في المجال الوظيفي وإخضاعهم للتقييم المستمر. 

• يكمن التفضيل النسبي للداخلين الجدد إلى سوق العمل في القطاع الخاص في قطاع البنوك بالدرجة الأولى، ولكن يخشى الكثيرون أن العائق أمام التوظيف هو افتقار الشباب إلى الخبرة العملية، الأمر الذي يمثل تكلفة إضافية تتحملها القطاعات المصرفية لتدريب الطاقات الشابة، بالإضافة إلى اعتقاد البعض بإعادة القطاع المصرفي ترتيب أولوياته، حيث انصرف اهتمام البنوك إلى إدارة أزمات القروض غير المسددة، واستعادة ثقة العملاء بدلا من الاستثمار في الطاقات المحلية وتدريبها. 

كلمة أخيرة: خطورة الحديث عن تعديل الدستور لا تكمن في اقتراح التعديل إنما في حالة عدم المبالاة للمؤسسة التشريعية. 

وكلمة أخرى: بعد متابعتي لحديث النائب العم خالد السلطان حول الخصخصة، ازددت قناعة بقدراته الاقتصادية والتجارية، مع كامل الاحترام لإعادة إحياء التراث.

back to top