يوسف إبراهيم الغانم
ليس بالإمكان تجاهل رحيل رجل بشموخ يوسف إبراهيم الغانم، فالكتابة عن أبي إبراهيم، هي كتابة عن حقبة الصعود الوطني، وبناء مشروع الدولة، التي كان رحمه الله أحد البارزين فيها.ولئن كنا نحاول كباحثين أو مراقبين أن نفهم لماذا كانت حقبة الخمسينيات والستينيات مثالاً لحقبة الزمن الجميل كما يحلو للبعض أن يسميها، فهي إن كانت كذلك، فسببها يعود إلى رجال بجمال، وعطاء والتزام، وتفاني، وخبرة، وحكمة أمثال يوسف ابراهيم الغانم.
والمؤسف أن شخصاً بحجم أبي إبراهيم يعتبر في حكم المجهول بالنسبة إلى الطبقة السياسية الحالية، وكنت أشهد فيه حرصا على عدم إظهار دوره، وربما كنت من أولئك الذين لم يدركوا أهميته منذ حوالي 30 عاما، إلا انه فرض نفسه عليّ عندما بدأت في بحث تفاصيل التطور السياسي الكويتي، كان اسمه حاضرا في كل حدث رئيسي، وكان موجودا فاعلا في كل مفاصل التاريخ الكويتي الحديث.التقيته كباحث ناشئ لأفهم ما جرى، ففهمت كل شيء، لم أجد صعوبة في استيعاب الحقبة والرجل، فهو رجل حقبة وحقبة في رجل، ومنذ تلك اللحظة، كانت ومضة الاكتشاف وكانت مودة لم تنقطع.بدون رجال من أمثال يوسف ابراهيم الغانم لم يكن للكويت ان تخطو خطوة للأمام، ولم يكن لمفاهيم رائدة وسائدة أيامنا هذه، كالدستور والمساواة وسيادة القانون، أن تكون متداولة ومقبولة ومن المسلمات لولا رجال أفاضل من نوعيته. كان السؤال الدائم والأبدي في ذهني هو، لماذا ذهبت الكويت إلى الدستور؟ أولم يكن بإمكان الشيخ عبدالله السالم أن يصدر دستورا ربما أقل صلاحية مما تحقق؟ فهم واستيعاب يوسف ابراهيم الغانم وأمثاله كان يمثل الاجابة.انتقال الكويت من حالة عفوية بدائية إلى حالة مؤسسية لا يمكن أن ينسب إلى رجل واحد، ولكنَّ رجلا واحدا قد يلخص لك نوعية رجال تلك الحقبة. ذلك الرجل كان يوسف ابراهيم الغانم، رحمك الله يا أبا ابراهيم، وغمد روحك الجنة، وألهم أهلك الصبر والسلوان، وإنا لفراقك يا أبا إبراهيم لمحزونون. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء