تثير الخطوة التي أقدم عليها مجلس إدارة رابطة الأدباء، والمتمثلة في تعديل مسمى الرابطة من «رابطة الأدباء في الكويت» إلى «رابطة الأدباء الكويتيين»، تثير تساؤلات عدة تتمثل في توقيت انطلاقها، وكذلك الهدف من ورائها، وما يترتب على هذا التعديل!

Ad

إن كنا نقر أن هذا التعديل ليس سوى إجراء ورقي في المسمى، ولا يترتب عليه أي شيء في ما يتعلق باحتضان الأدباء البدون والعرب المقيمين في الكويت، فما الداعي لعناء التعديل، وعقد الجمعية العمومية غير العادية. وأما إذا كنا نقر بأن هناك أموراً تترتب على ذلك، فإننا قد صدّقنا من ينعتنا بالانغلاق، والتقوقع في الذات.

نعلم جميعاً أن فكرة تعديل المسمى، لم تتداع إلى الأسماع من قبل الصراع الذي دار في الرابطة على أثر الهجوم على مجلس الإدارة السابق، وقضية بيانات «لجنة الحريات» التي باتت معروفة لجميع متابعي المشهد الثقافي المحلي. ومعروف أن عدداً من المبدعين الشباب في مجلس الإدارة السابق كان قد وعد بمنح «عضوية جزئية» للأدباء البدون والعرب المقيمين في الكويت. فما الذي حصل بعد ذلك؟

مهما يكن من أمر فإن مجلس الإدارة الراهن قد عقد الجمعية العمومية وكان له ما أراد بأغلبية الأصوات في تعديل مسمى الرابطة وجعله (المسمى) خاصاً بالكويتيين. ولسنا ندري إذا كانت الفعاليات والمساهمات الثقافية أو حتى الولوج إلى مبنى الرابطة سيكون أمراً خاصاً بالكويتيين أم لا.

اتفق كلياً مع ما أشار إليه الشاعر القدير د. خليفة الوقيان أن هذا التعديل في المسمى نكوص إلى الوراء، وخروج عما أراده المؤسسون الأوائل للثقافة الكويتية بأن تكون متنوعة شاملة، وذات روافد غنية. وتلك النظرة التي سادت إبان حقبة الستينيات هي التي ولّدت الشعراء الكويتيين المتميزين، ومن بينهم خليفة الوقيان ذاته الذي يعتبر أحد الأقطاب المؤسسين لقصيدة التفعيلة في الكويت والخليج العربي، والأمر ذاته يمتد إلى الشاعر علي السبتي الذي عُرف بصداقته المتينة مع الشاعر بدر شاكر السياب، الأمر الذي انعكس إيجاباً على قصيدة السبتي ذاتها، خصوصاً في ديوانه الأول. وقس على ذلك الشاعر محمد الفايز الذي ظهرت في قصائده علائم البحر، ومفردات الرمزية. ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً فإننا نجد الشاعر القدير أحمد السقاف الذي عرف بمده القومي، واعتزازه العروبي الذي بات جلياً في قصائده، وامتدت شهرته إلى أقطار الوطن العربي. ولا نستثني المؤسسين الأوائل من أمثال عبدالعزيز حسين وأحمد مشاري العدواني، الذين كان لا ختلاطهم بأشقائهم المبدعين في جمهورية مصر العربية الأثر الأكبر في توسيع نظرتهم إلى الأبداع، واتساع أفق الحياة لديهم، فلم يعودوا إلى وطنهم وهم «متقوقعون» حول الذات وإنما عادوا يحملون رؤى منطلقة، وأفقاً ثقافياً متسعاً إلى غير حدود. وما زلنا نعيش على إنجازات هؤلاء، وإصداراتهم وإسهاماتهم الثقافية.

بقي أن أشير إلى أن الكويت تحوي بين جنباتها عدداً كبيراً من المبدعين العرب، كثير منهم يعمل في مجال التعليم، ولا يظهر إلى الأنشطة العامة إلا فيما ندر، كما أن بعضهم يعمل في مجال الصحافة، وهم الأقرب إلى المشهد الثقافي المحلي، وفي كل عام تأتي الكويت بتعاقدات جديدة مع معلمين من مصر، وسورية، وتونس، ومن بين هؤلاء نقاد وشعراء وروائيون. كان الأولى احتضانهم إن هم رغبوا في الانضمام إلى الرابطة والتفاعل معها، بدلاً من تعديل المسمى، وإشعارهم بأنهم كائنات غير مرغوب فيها. علينا أن نذكر أن الكتابة الإبداعية والنقدية في تطور مستمر، مدارس نقدية وتيارات متجددة في الشعر والقصة والمسرح. ولا يمكن لنا أن نواكب هذه التيارات الإبداعية ونحن متقوقعون حول ذواتنا.