عندما تغتال الحريات بيد الأمة - 1

نشر في 25-12-2009
آخر تحديث 25-12-2009 | 00:00
 إيمان علي البداح قال العالم بنجامين فرانكلين «الذي يضحي بالحرية من أجل أمان مؤقت لا يستحق أياً منهما»، هذا ملخص حالنا في الكويت، فنحن مع أول مؤشر قلق أو تغيير تتعالى أصواتنا بكبت الحريات، وكأن في تاريخ البشرية ما يدعم نجاح الكبت في خلق الاستقرار والأمن.

وإن كانت محاولات الحكومات لكبت شعوبها مفهومة فإن مطالبات ممثلي الشعوب بتقييد وتقليص الحريات أمر غريب وغير مبرر تحت أي حجة.

ففي وقت قصير جدا رأينا تخبط مواقف «نوائب» الأمة وتناقضها، ومن خلفهم الكثير للأسف من مدعي التحرر والليبرالية، فمفهوم الحرية بشكل عام ومفهوم حرية التعبير تحديداً مازالا غامضين لدى الكثيرين، ويتم التعامل معهما بشكل متخلف وانتهازي في معظم الأحوال.

من المؤكد ألا حرية مطلقة، وحرية التعبير تحديدا تقف عند حدي الضرر والإهانة، وكما خلصنا في مقالات سابقة فإن تعريف «الضرر» أسهل وأوضح من مفهوم «الإهانة» أو الإساءة المعنوية أو النفسية، لذا تأتي معظم قوانين الدول المتحضرة لتحدد تعريف الضرر بشكل قانوني واضح، وتترك حدود الإساءة / الإهانة لمواثيق الأخلاق والمهنية لكل صناعة / مجال كالمسرح والصحافة والنشر والسينما والتلفزيون... وغيرها.

والضرر- قانونيا- يتمثل في إعطاء معلومة غير صحيحة بغرض الغش أو التأثير في الرأي العام، أما الرأي- سواء كان رأي عالم ومفكر مثل حامد بوزيد أو عنصري جاهل مثل محمد جويهل- فيبقى رأياً (وليس معلومة) ولا ينطبق عليه تعريف الضرر، لذا لا يشكل أي رأي سببا لحد حرية أحد في التعبير، إنما الأسلوب الحضاري في التعامل مع الآراء غير المقبولة هو المزيد من الحرية وفتح أبواب الحوار والبحث العلمي والدراسة لتأتي «المعلومات» الصحيحة والعلمية لتحد من الاختلاف في «الآراء».

أما ما يحدث حاليا في الساحة من هلع وتخبط فإن ضحيته الأولى والأخيرة هي حرياتنا الدستورية المكتسبة، فها هما- الحكومة والمجلس- ومن أول اختبار يكرسان طاقاتهما لكسر القوانين من ناحية، ولمد سلطة القوانين غير الدستورية من ناحية أخرى. ويستخدم كلا الطرفين قضايا الرأي في تأجيج الشارع لا لمبدأ أو حفاظا على «الوحدة الوطنية» إنما للمساومة السياسية على قضايا وبرامج خاصة، وها هو قانون العمل في القطاع الأهلي يمر، ومن بعده إسقاط فوائد القروض، وفيما بينهما مراقبة المدونات وتقنين الإعلام الفضائي بمباركة «شعبية».

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة 

back to top