عبر رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي عن استيائه من انتقاد تقرير وزارة الخارجية الأميركية، فيما يتعلق بحقوق الإنسان الذي وضع الكويت في الدرجة الثالثة بخصوص الاتجار بالبشر، معربا عن أمله في «أن تدرك القيادة الأميركية أنها ليست شرطي العالم وليست وصية على العالم».

Ad

كما أعرب بعض النواب عن غضبهم وسخطهم لانتقادات تقرير حقوق الإنسان، وأشاد بعض الكتاب بتصدي النواب لتلك «الاتهامات» حسب تعبيرهم، بل ذهب كاتب إلى أبعد من ذلك في وصف أميركا «بالطغيان» مطالبا إياها بالاعتذار للكويت! متناسين ما يحدث من طغيان واضطهاد بتلك الفئة المظلومة، ومتجاهلين أن شعارات «عدم التدخل في الشأن الداخلي» (لا سيما الإنساني منه) قد أكل الدهر عليها وشرب، وإلا لما استطاعت أميركا وقوى التحالف إنقاذنا من محنتنا الإنسانية حين غزا صدام الكويت غزوا غاشما، واليوم يرفضون بكل استعلاء وغرور تدخل الولايات المتحدة في شؤون حقوق الإنسان التي حين سلبت منهم بسبب الاحتلال ركضوا لاهثين وراءها يطلبون منها الوقوف بجانبهم، وهم يتهمون الولايات المتحدة بالكيل بمكيالين وينسون أنفسهم! ولا عجب فنحن شعوب لم تتعود على ثقافة النقد والشفافية بل إن تلك القيم هي خارج منظوماتنا الفكرية والمجتمعية.

الأمر والأدهى أن بعض النواب لايزال يقلل من شأن ما جاء في التقرير الذي اعتبره مبالغة بوصف الحالات بالفردية، متناسين ما حصل من إضرابات وأعمال شغب وتخريب من قبل العمال البنغاليين في يوليو 2008 وما قامت به قوات الأمن والقوات الخاصة التي تصدت لهم بالغازات المسيلة للدموع، وبإبعاد المتورطين منهم. وما تلك الأحداث إلا دليل ساطع على أن قضية الاتجار بالبشر كانت قنبلة موقوتة ولاتزال تنتظر من ينزع فتيلها، وأنها أزمة حقيقية تشكل خطرا داهما على الوضع الأمني للبلاد وسمعتها الدولية، ناهيك عن اختلال التركيبة السكانية وازدياد معدل الجريمة.

من الصعب إنكار ما تتعرض له العمالة الوافدة من ظلم واستغلال وعبودية من قبل تجار الإقامات، وما يواجهونه من إهانات وتنكيل وتعذيب لاإنساني وعدم دفع رواتبهم البخسة التي يستحقونها على مدار أشهر، وتجويعهم وحجز جوازات السفر وحرمانهم من الحقوق القانونية والمدنية والإنسانية والعيش تحت رحمة الكفيل الذي يستطيع ترحيلهم متى شاء.

لم تأت الانتقادات الدولية من قبل وزارة الخارجية الأميركية فحسب بل انتقدت منظمة العمل الدولية كذلك نظام الكفيل وخدم المنازل في الكويت، فهي ترى أن قانون العمل الجديد الذي تأخر كثيرا «يواجه عدة عراقيل، وتنطوي بعض بنوده على سلبيات القانون القديم». كما انتقدت ضعف الإجراءات الحكومية في إصلاح الخلل وتحسين أجور العمالة الوافدة وعدم اشتمال القانون الجديد على حماية فئة خدم المنازل. كما حذر تقرير منظمة العمل من «أن موجة الإضرابات والاعتصامات التي نظمها عدد من العمال خلال الفترة الماضية قد تتكرر في الكويت، إذا لم يتم تدارك الخلل وإصلاح أوضاع العمالة ووقف الظلم الذي يتعرضون له».

وعلى الرغم من الإجراءات والتوصيات التي اتخذتها الحكومة ومجلس الأمة فإنهما لم يقوما بإجراءات كافية لإقرار قانون يجرم ظاهرة الاتجار بالبشر، هذا بالاضافة إلى الإبقاء على نظام الكفيل الذي يستفيد منه تجار الإقامات. وها هي مملكة البحرين تقوم بخطوة شجاعة بإلغاء نظام الكفيل غير الإنساني الذي يكرس العبودية، حيث قررت البحرين كما جاء على لسان وزير العمل أن «تتعامل مع العامل كإنسان، وليس بضاعة»، علنا نتعظ منها ونستفيد.

من الواضح أننا شعب لا يهتم بحقوق الإنسان لا سيما حقوق أولئك الذين لا يملكون صوتا انتخابيا.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء