من الضروري التوقف عند الكيفية التي ستقيم بها الأصول العامة، ومن الجهات أو الهيئات التي ستقوم بهذا التقييم؟ فقد أثبتت تجارب الدول الأخرى بما فيها الدول الأوروبية الصناعية أن الشيطان موجود في تفاصيل تقييم الأصول العامة، وتجربة خصخصة الخطوط الجوية الكويتية أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك كيف يتم التلاعب بعملية تقييم هذه الأصول.

Ad

كثيرة هي الإجراءات التي يتعين على الحكومة ومجلس الأمة القيام بها بعد إقرار قانون تنظيم عمليات التخصيص، لأن العبرة ليست في إقرار القوانين بحد ذاتها، بل في كيفية تطبيقها، ولأن تجارب دول العالم أثبتت أن مافيا القطاع الخاص هي أول من يتلاعب بقوانين الخصخصة، ويزداد هذا التلاعب في حالة استشراء الفساد ووجود قطاع خاص "متلهف" لعملية الشراء.

لقد تطرقنا في المقال السابق إلى ضرورة وجود قوانين وتشريعات مساندة من أجل توفير بيئة مناسبة وصحية تقلل من أضرار الخصخصة المدمرة، التي ستظهر لا محالة مهما كانت جودة القوانين المطبقة، إذ لابد على سبيل المثال لا الحصر من وجود قانون للضريبة على الدخل والأرباح السنوية للشركات المخصخصة حتى يمكن تدعيم الميزانية العامة للدولة.

وبمناسبة الحديث عن الإيرادات المالية التي ستوفرها برامج الخصخصة للخزينة العامة للدولة، فإنه من الضروري التوقف عند الكيفية التي ستقيم بها الأصول العامة، ومن الجهات أو الهيئات التي ستقوم بهذا التقييم؟

 لقد أثبتت تجارب الدول الأخرى بما فيها الدول الأوروبية الصناعية أن الشيطان موجود في تفاصيل تقييم الأصول العامة، ففي روسيا على سبيل المثال لا الحصر، تم تقييم شركة بمبلغ 200 مليون دولار في الوقت الذي كانت قيمتها السوقية تعادل 3 مليارات دولار!!

والأمر ذاته حصل عند تقييم شركة "عمر أفندي" في مصر، وأيضا في مصانع الإسمنت المصرية التي سيطر عليها الأجانب، وكذلك الحال في بعض المشاريع العامة التي خصصت في الأردن.

وحتى لا نذهب بعيداً فإن تجربة خصخصة الخطوط الجوية الكويتية قد أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك كيف يتم التلاعب بعملية تقييم الأصول العامة، إذ إنها كانت بمنزلة فضيحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ما دعا مجلس الأمة للتدخل ووقف عملية الخصخصة مؤقتا.

لهذا فإنه يتعين على مجلس الأمة الاستمرار في تفعيل مراقبته للكيفية التي سيتم بها تقييم الأصول العامة للمشروعات التي ستتم خصخصتها لأن الخوف، كل الخوف، أن تتداخل المصالح ويتم بيع مشروعاتنا العامة بأبخس الأثمان.

نافذة:

مهما اختفلنا مع الزميل محمد عبدالقادر الجاسم فإن ذلك يجب ألا يمنعنا من التضامن معه والمطالبة بإطلاق سراحه على الفور، وإن حرية الرأي مكفولة دستوريا مهما كانت قاسية، كما أن حق التقاضي مكفول دستوريا أيضا بما يكفل كرامة الإنسان، وهذا هو ما يميز الكويت عن بقية دول العالم الثالث التي تمتلئ سجونها بسجناء الرأي.