شرماويٌّ أنا
منذ حوالي عام قابلت أحد الأصدقاء بعد عودته من «شرم الشيخ» وكان يتغزل في حبها، ويتأنق وصفاً لجمالها، وأنها تختلف تماما عن باقي المدن المصرية، وتمنى أن تكون لها جنسيتها الخاصة ليحملها بديلاً عن جنسيته المصرية الأم!! وفي الأسبوع الماضي حضرت المؤتمر الدولي للأمراض الجلدية في «شرم الشيخ» وتأكدت من صدق وصف صديقي، وتمنيت لو كنت «شرماوياً» مثله. تحدثت مع الكثير من المصريين العاملين في شرم الشيخ، وكانت تعليقاتهم متشابهة، وتدور حول التغير الكبير الذي حدث في المدينة منذ أن قرر الرئيس مبارك أن يجعل إقامته فيها شبه دائمة، ويجعلها مقرا لمقابلاته الرسمية، ومركزا لجميع المؤتمرات التي عقدت في مصر طوال هذه السنوات، وباستثناء التعقيدات الأمنية المبالغ فيها أثناء المؤتمرات فلا شيء يعكر صفو المدينة ومواطنيها والمقيمين فيها، وهذه حال المدينة القديمة أيضاً، فالخدمات الحكومية والوجود الأمني في الشارع ونظافة الطرق وترتيبها كل ذلك جعل الجميع يتمنى الإقامة فيها.
سيادة الرئيس:إذا كانت كل هذه التغيرات الإيجابية قد حدثت بسبب اختيارك هذه المدينة للإقامة فيها فإنني أتقدم لسيادتكم باقتراح، وهو أن تجعل إقامتك دورية شهرياً في إحدى المدن المصرية الأخرى، وتكون كذلك مقراً لمقابلاتك الرسمية ولقاء ضيوفك، وباعتبار ما تبقى من فترة حكمك 20 شهراً فهناك فرصة كبيرة في تحول 20 مدينة إلى مدن مثالية مثل شرم الشيخ. تخيل سيادتك لو أنك اخترت مثلا 10 مدن من الوجه البحري مثل الزقازيق والمنصورة والمحلة الكبرى، ومن الوجه القبلي كأسيوط والبلّينا وبني مزار، وأصبحت كل هذه المدن مثل شرم الشيخ ألا يعتبر هذا الحلم أفضل نهاية نتمناها جميعا لفترة حكم طالت 30 عاما، ولنصرخ بعدها أننا مصريون، ولسنا شرماويين، فما رأيك ياسيادة الرئيس؟ ***لميس والتاريخ: كانت إحدى الأمسيات الاجتماعية للمؤتمر ندوة جمعت الفنان يحيى الفخراني وزوجته الكاتبة لميس جابر مع الأطباء، وللأسف فلم يتسع وقت الندوة لسماع الجميع، وما يهمني التعليق عليه هو ما قيل حول التاريخ وأكاذيبه!! وكان مدخل الحوار مسلسل الملك فاروق الذي اعتقد البعض أنه كشف الأكاذيب، وأننا ظلمنا الملك فاروق كثيرا وحاشيته (خاصة أحمد حسنين باشا)، وأن ما عرفناه من تاريخ هؤلاء هو مجموعة أكاذيب أطلقها رجال البدل الصفراء!! وبداية فالتاريخ بالنسبة للفرد كعلم الجيولوجيا بالنسبة للأرض، فهو مجموعة الوقائع والأحداث وهذه لا يمكن تزييفها أو تغييرها، ولكن (وهنا الخطأ والخلط الذي يقع فيه الكثيرون) قد نختلف في أسباب أو نتائج هذه الأحداث أو مبرراتها، أو نتمنى لو أنها تمت بصورة أخرى، كل ذلك جائز ومقبول، فهذا أولا وأخيرا وجهة نظر في الأحداث تختلف من شخص لآخر.وبالنسبة لمسلسل الملك فاروق فقد استغله البعض للهجوم على ثورة يوليو، ووقعوا في نفس الخطأ الذي اتهموا به الثورة حين تحدثوا عن سلبياتها فقط (كما تحدث مؤرخوها- كما يقولون- عن الجوانب السلبية فقط في الحياة الملكية)، وباختصار فإن النظرة إلى التاريخ يجب أن تكون عامة وشاملة للأحداث ونتائجها جميعها، سواء تاريخ الثورة أو ما قبله، ومازلنا في انتظار مسلسل محمد علي لنعرف ما نجهل من وقائع وأحداث مجردة، أما تفسيراتها فليس من حق شخص مهما كان أن يحتكرها لنفسه فقط. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة