آخر وطن: انفع نفسك...!!
«انفع نفسك» هذا هو الشعار الذي يرفعه الكثير من الإعلاميين الذين تغلغلوا في الإعلام المعني بالشعر العامي وانتشروا في ساحته كالوباء وكالسرطان والأمراض المعدية، وهذا للأسف هو ذات الشعار الذي يؤمن به بعض الشعراء.
هذا الشعار الخطير، والذي ينطوي على أسلوب تفكير وآلية عمل حثيثة هدفها الحصول على أكبر قدر ممكن من المادة (الفلوس) عن طريق الشعر وعن الطريق التمسّح بعباءته! وهو بالضبط -أي الشعار- أحد الأسباب الرئيسية لإصابة جسد الشعر بالكثير من الأمراض المستعصية والمزمنة. يعتقد رافعو هذا الشعار أن الشعر غنيمة تستحق «تشمير» السواعد والهجوم عليها بكل ما أوتي الإنسان من فساد للحصول على أكبر قدر منها، والشعر أيضا بالنسبة لهم ليس أكثر من «سوبر ماركت» مفتوح بلا حسيب ولا رقيب يستدعي التزاحم بالعضلات، واستخدام الهراوات، وكل الأسلحة البيضاء والسوداء للخروج منه بأكياس مليئة بمؤونة تعينهم على برد الحياة وشتاء الحاجة القارس! عمليات بيع الشعر وسوقه السوداء أنشئت تحت شعار «انفع نفسك»! معلقات المديح الساذجة للأمراء والشيوخ وأصحاب المال وكل دابة تحمل فوق ظهرها بعض نقود، انتشرت أيضاً تحت ذريعة الشعار إياه. دخول كل مَن هبَّ ودبَّ إلى الإعلام المعني بالشعر، والخوض في غمار هذا المجال والتنجيم في عالمه، كان أيضا من باب «انفع نفسك»! الكثير من القصائد التي تكتب بلا طعم ولا لون ولا رائحة، تكتب تحت مظلة «انفع نفسك»! الصراع الدموي بين «زبائن»سوق الشعر ومرتاديه من شعراء وصحافيين وإعلاميين، صراع أفرزه ذات الشعار، فكل فرد في هذا السوق يحاول «التكسّب» على حساب الآخر، ويؤمن أن الربح المادي لأي شخص آخر، كان هو الأجدر به لولا أن هذا الآخر كان أكثر دهاء منه في طريقة نفعه لنفسه! هذه النوعية من رافعي شعار «انفع نفسك» أساءت إلى الشعر كثيراً، وشوّهت صورته النقية الجميلة، وبدّلتها بصورة أخرى شبيهة بسوق للمرتزقة، وساحة لقطاع الطرق واللصوص، هؤلاء دخلوا البيت الشعري كما تدخل القوارض، وعاثوا فيه فسادا، مزقوا حلل أصحاب البيت، وخرّبوا أرضية البلوط الأحمر، وتركوا فضلاتهم العفنة في المزهريات التي تزيّن زوايا البيت، توالدوا وتكاثروا وسببوا صداعاً مزمناً لأهل هذا البيت، وهددوهم بالطاعون والأوبئة. «انفع نفسك» مقولة تخبئ تحت ثناياها الفواجع، وتسوّغ لقائلها ممارسة الزيف والكذب والنفاق والنهب واللعب بالبيضة والحجر وكل خلق سيئ في سبيلها. الطامة الكبرى أن أصحاب هذا السلوك تصل بهم «البجاحة» إلى درجة مستفزة عندما يلومون الذين لا ينهجون نهجهم، ويتهمونهم بالكسل والتخاذل، وعدم قدرتهم على مزاحمة «الرجال» وأخذ نصيبهم من مائدة الشعر، وهم طبعا لا يرون على مائدة الشعر سوى المال والشهرة فقط! هذه المنفعة الوحيدة التي يجرون خلف الشعر من أجلها ويلهثون للحصول عليها، ويسيل لعابهم طمعاً في التهامها. الأدهى أن بعض هؤلاء يحضك على اتباع هذا المسلك ناصحاً لك، ومحباً لشخصك، متمنيا لشِعرك الخير!!!