أبطال متعدّدون و خلطة البطل الواحد (1-2)

نشر في 12-04-2010
آخر تحديث 12-04-2010 | 00:00
 محمد بدر الدين بعد عودتها إلى تقديم نوعيات الأفلام المختلفة، على مشارف نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، توزّعت السينما المصرية بين تعدّد الأبطال والخطوط الدرامية والأعمال التي يحمل فيها بطل واحد على كاهله عبء الدراما وخطّها الرئيس.

من الصيغة الأولى رأينا مثلاً فيلم {واحد صفر} للمخرجة كاملة أبو ذكري والكاتبة مريم ناعوم، {كباريه} و{الفرح} للمخرج سامح عبد العزيز والكاتب أحمد عبد الله.

ومن الصيغة الثانية رأينا مثلاً {في شقة مصر الجديدة} (البطلة نجوى - غادة عادل) للمخرج محمد خان والكاتبة وسام سليمان، {خلطة فوزية} (البطلة فوزية - إلهام شاهين) للمخرج مجدي أحمد علي والكاتبة هناء عطية، {دكان شحاتة} (البطل شحاتة - عمرو سعد) للمخرج خالد يوسف والكاتب ناصر عبد الرحمن، {بلطية العايمة} (البطلة سيدة أو {بلطية} - عبلة كامل) للمخرج علي رجب والكاتب بلال فضل...

لا نستطيع القول إن التعبير عن رؤية من خلال أبطال متعددين وخطوط متقاطعة هو تعبير عن {ديمقراطية أكبر}! فالتعددية في الدراما غير التعددية في السياسة، إنما كل من الصيغتين في الفن هي ما يراه صانع العمل مناسباً لموضوعه ويجسد وجهة نظره ويوضح أو يحلل رؤيته على نحو يرضيه ويطمئنه على إيصال الفكرة.

الأمثلة الثلاثة التي ذكرناها في صيغة التعدد، زاد عليها أصحابها أن الأحداث تدور في يوم واحد أي الأخذ بالوحدة الزمنية الأرسطية. في فيلم {واحد صفر} مثلاً رأينا خمسة خطوط درامية متقاطعة، وضعف هذا الرقم من الأبطال، فقد جسدت شخصيتان كل خط وكانت روح الموضوع واحدة هي الحاجة والفقر الاقتصادي الشديد (في خطي الشقيقتين: نيللي كريم وزينة وخط الجد وحفيده: لطفي لبيب..)، أو الحاجة العاطفية والروحية (في خط السيدة القبطية إلهام شاهين)، أو تلاقي الحاجتين معاً (في خط الأم وابنها انتصار وأحمد الفيشاوي). استتبع هذا البحث والتحليل الدعوة إلى مزيد من التأمل في هذه المعالجة الدرامية والصيغة التعددية.

على الجانب الآخر، أقدم صنّاع فيلم {دكان شحاتة} على مغامرة فنية فيها روح تجريبية، حيث مُزج بجرأة بين إطار وسمات وعناصر من الملحمة الشعبية أو {تيمة} الحكي الشعبي، وبين تناول قضايا سياسية معاصرة بل راهنة وملحّة اليوم و{غداً}.

ينطلق الفيلم منذ بداية حكم الرئيس حسني مبارك عقب اغتيال سلفه الرئيس أنور السادات (1981)، الذي يستغرق كل عهده ولا ينتهي في 2009، العام الذي عرض فيه الفيلم، إنما يمدّ الخيط إلى عام 2013 متوقعاً، إذا استمرت الحال على المنوال نفسه لبضع سنوات أخرى أن {تعمّ الفوضى والانفجار الشعبي الكامل في البلاد، بكل ما يحمل ذلك من خطورة أو عواقب غير واضحة، {الغليان} أو {الاحتقان} ظاهر للعيان، ويقول المنطق إنه ليس بعد {سنوات الغليان} إلا {الانفجار} (إذا استعرنا عناوين من أشهر كتب محمد حسنين هيكل).

الجرأة في الفيلم أنه قام بـ {تضفير} عناصر ومفردات من الحياة السياسية والاجتماعية المعاشة، بعناصر وملامح من سيرة النبي يوسف عليه السلام لا سيما علاقته بوالده وأخوته، ومن الشخصيات في الحكايات الشعبية، حيث نرى {شحاتة} منذ ولادته إلى الموت، بطلا طيباً لكن ليس عن ضعف، قوياً يعفو لكن عند المقدرة، نبيلاً طوال الوقت، في المقابل يصوّر الفيلم خصومه بأنهم أصحاب نفوس خبيثة، على النحو الوارد في السير والملاحم الشعبية، عكس ما يصوّر في الدراما الواقعية، ما أدى إلى عدم تقبّل النقاد للفيلم عندما قيّموه ونظروا إليه كفيلم واقعي، لا بد من أن نرى فيه الأشخاص والنفوس أكثر غنى وتنوعاً بالأبعاد والألوان بين الأسود والأبيض والرمادي، الطيبة والخبث ودرجات بينهما وهكذا.

back to top