إنصاف النصف!
مستقبل التعليم الجامعي وتحديداً في ظل أداء المؤسسات الأكاديمية القائمة أصبح في مهب رياح الخطر الحقيقي أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً بعد استقواء بعض المسؤولين على رأس أهم مؤسستين جامعيتين بوسائل الإعلام وعدد من الكتاب، لتلميعهم من باب الفزعة أو المصلحة أو أي معايير أخرى، باستثناء التقارير الموثقة وشهادة أهل الاختصاص وأصحاب الدار أنفسهم، وما يعرف بالرضا الوظيفي، ناهيك عن نتائج لجان تقصي الحقائق والتحقيق في الكثير من القضايا العلمية والإدارية والمالية التي يجب أن يندى لها جبين أي مواطن غيور على بلده وعلى مستقبل أبنائه.وإيماناً بحرية التعبير عن الرأي وحق وسائل الإعلام فيما يُكتب ويُقال، فهذا شأن لكل إنسان وأمرٌ يخضع لعقله وضميره، فالإعلام يبقى ساحة عريضة ومتسعة للنقد، رغم أنها تحولت جزئياً إلى ساحة جديدة للمدح والثناء والتقرب من أصحاب القرار، لكن تظل هناك ثمة أخلاقيات ومبادئ يجب أن نلتفت إليها ونتواصى بها كحد أدنى من المصداقية.
وفي هذا الصدد كتب الزميل سامي النصف مقالاً حاول أن يختزل فيه مسيرة سنوات من المتابعة والمراقبة والمحاسبة في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وبما يحمله هذا الملف من مآس وأخطار قاتلة وصلت إلى العظم في جزئية سطحية وهزيلة، وهي أن السبب الوحيد لانتقادنا لإدارتي الهيئة والجامعة يكمن في أنهما لم ترضخا "للواسطة"، وكان من الأمانة المهنية أن يسطر الكاتب تلك "الواسطات" للرأي العام مادامت قنوات الاتصال مع المسؤولين في الجامعة والهيئة وأسرارهما مفتوحة، خصوصاً في "الواسطات" والمعاملات، المتاحة له. وانطلاقاً من الأمانة المهنية أيضاً والإنصاف الصحفي كنت أتمنى على الأخ سامي النصف تحديداً دون بقية كتّاب الزاويا أن يذكر ما دار في ديوان الأخ الكريم سعد المعطش في الصليبيخات قبل سنة واحدة بالضبط، وأمام نخبة من الأكاديميين والصحافيين عندما دعيت لمناقشة الأوضاع الجامعية، وما ذكره النصف بالذات أمام أولئك الرجال وردود الأفعال، وتعهدهم بمتابعة هذا الملف الذي كان يفترض أن يكون أحد أعضاء فريق العمل فيه، وهو الفريق الذي انبرى لتلك القضية باسم الوطنية وحماية التعليم، ومن أجل الكويت ومستقبل أبنائها، بل كنت أتمنى أن يشارك الأخ النصف القراء بما توصل إليه فريقه من حقائق ونتائج بعد جهد مشكور قام به الإخوة الأجلاء ممن يمثلون أهل الديرة بكل انتماءاتهم ومشاربهم.بل أتمنى إذا لم يكن هناك أي حرج أو ضغط على الأخ النصف، أن يسرد لنا ما جرى، وأن تستضيف جريدة "الأنباء" أو أي صحيفة أخرى رواد "ديوانية المعطش" لعرض ما دار في ذلك الحوار الجميل وعلى مدى ساعات عدة، فقط لتبيان الحقيقة أمام الشعب الكويتي.بل أتمنى أن يبادر الأخ النصف بدعم ما تقدمت به من إجراء استفتاء عام داخل الحرم الجامعي يشارك فيه جميع أعضاء هيئة التدريس لمعرفة درجة ثقة أهل الميدان بإدارتهم ومدى رضاهم عن أدائها وسلامة قراراتها الإدارية والأكاديمية، ولا أتوقع أن يقبل مثل هذا التحدي بأي حال من الأحوال.وأخيراً أطمئن الأخ سامي النصف بأن ملف التعليم الجامعي سيبقى كغيره من القضايا الوطنية البالغة الأهمية، أمانة في عنقي، وبراً بالقسم الدستوري في الدفاع عن أبنائنا الطلبة وأخواتنا وإخواننا الأساتذة والباحثين ليس في ظل أخطاء وتجاوزات الإدارات السابقة ولا أثناء الأداء المخجل للإدارات الحالية، بل حتى مستقبلاً وتحت أي سلطه مقبلة إذا ما استمرأت درب التجاوز وتعمد نسف القوانين والنظم والثوابت الجامعية على حساب الشللية والمحاصصة والمصالح الشخصية!