سأكشف مضمون الورقة، وقد يهمك المضمون أو يغمك، وقد لا يهمك ولا يغمك، حسب التوافيق واتجاه الريح.

Ad

في البدء، راودتني عن نفسي فكرة كتابة رواية، ثم عدلت عن رأيي وسلكت طريقا قصيّاً، فعزمت على أن تكون الرواية مصوغة بطريقة يسهل معها تحويلها إلى فيلم سينمائي. لكن الكويت لا سينما فيها ولا شية تشيها، فكل ما فيها عبارة عن شركة احتكرتنا و»حكرتنا» في زاوية اختياراتها، يتبوأ فيها الشيخ دعيج الخليفة منصباً مهماً. والشيخ دعيج يتبوأ دائماً، وهو يجيد التبوّء، بل هو خير من يتبوأ، فهو يتبوأ الشعر، ويتبوأ التلحين، ويتبوأ منصباً يشار إليه بالذهول في وزارة الخارجية، ويتبوأ في شركة السينما الكويتية، وقصائده تتبوأ الصحافة، وتصريحاته تتبوأ وسائل الإعلام، ونحن نقرأ قصائده وتصريحاته فنتبوأ بغزارة.

ولا حاجة إلى التذكير بأن ثلاثين ألف مواطن مكتوبة أسماؤهم في سجلات ديوان الخدمة المدنية، كلّ منهم ينتظر وظيفة صغيرة يتبوأها، تسد رمقه ورمق أسرته. لكن التبوّء قسمة ونصيب، وخير البر عاجله، والدستور عندما تحدّث عن المساواة كان يتغشمر معنا.

ويبدو أنني تبوأت مع الشيخ دعيج وسرحت ونسيت الموضوع. لكن للأمانة، إضافة إلى كل ما تبوأه دعيج، هو يتبوأ أخلاقاً عالية على المستوى الشخصي... المهم، لعدم وجود سينما في الكويت قررت تحويل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني، لكن القصة تحتاج إلى ممثلين كثر، لكلّ منهم وزنه، فالبطولة في القصة لعدد كبير من الرجال والنساء والشبان، كلهم في المستوى نفسه من الأداء، وفي الكويت لا نملك هذه الأعداد من الممثلين، أقصد المبدعين. ثم إن وزارة الإعلام تفرض الرقابة المسبقة على المسلسلات والمسرحيات، وهي بالتأكيد لن تسمح بعرض هذه الرواية، إذ إن الرواية هذه لا تعتمد على شد الشعر على أنغام الناي الحزين، بل تتحدث عن الأباطرة والسلطة والمجتمع السفلي والدين المسيّس وغير ذلك...

بعد ذا، فكرت في تمصيرها، أي تحويلها إلى رواية مصرية، وتبديل التفاصيل بما يناسب المجتمع المصري، ليسهل تمثيلها، أو تسويرها، أي تحويلها إلى رواية سورية، لكنني عدلت عن رأيي لجهلي بالمجتمعين المصري والسوري، هذا أولاً، وثانياً لأن الحريات في مصر وسورية تُكتب ولا تنطق. لذا، عدت إلى نقطة انطلاقي الأولى، وهي نشرُ القصة في رواية وبس، لكن وزارة الإعلام الكويتية أيضا لن توافق، فالدستور لايزال يتغشمر معنا عندما تحدث عن حرية النشر. والدستور دمه خفيف، في عيون مسؤولينا، وهو بلغ به الخرف مبلغاً لم يعد معه أحد يصدق هذيانه.

وما بين فكرة وضحاها، وضعت الرواية في جيبي، وتناسيت الموضوع، إلى أن جاء من ينصحني: اطبعها خارج الكويت. فوافقت.

* * *

تلقيت رسالة من الأستاذ جاسم بودي، يعلن فيها استعدادَ «مجموعة الراي الإعلامية» للتكفل بكل ما له علاقة بجائزة الأستاذ أحمد الديين السنوية، بحيث يضع الديين الشروط والإجراءات التي يراها... شكراً لأبي مرزوق، وهو أمر غير مستغرب منه، لكن اللجنة التي سيتم اختيارها – أو بالأحرى، اختيار رئيسها الذي سيقوم بدوره باختيار زملائه أعضاء اللجنة - هي التي تضع الشروط والتفاصيل كلها، لا الديين ولا أنا.

شكرا كذلك لمنتدى الشبكة الوطنية الذي دعم الفكرة، ولمن أيد الفكرة وتساءل عن كيفية المساهمة فيها، وأقول لهؤلاء الأفاضل: سيتم إعلان رقم الحساب البنكي والتفاصيل من قبَل اللجنة المسؤولة لاحقاً. كذلك شكراً لمن عارض الفكرة، أياً كانت أسباب معارضته. فالمعارضة ليست كفراً، خصوصاً ونحن نتحدث عن اثنين من أكثر المطالبين بحرية الرأي.