المكان بالمكين

نشر في 17-01-2010
آخر تحديث 17-01-2010 | 00:00
 ناصر الظفيري الأماكن تستمد خصوصيتها من سكانها الذين يتغيرون أحيانا تاركين بصمات مختلفة ومتنوعة، تذكر القادمين الجدد بأنهم كانوا هنا. سكان هذه الأماكن عملوا مخلصين ليقولوا للجيل الذي ينتمون اليه والأجيال التي تلته: لقد تركنا لكم إرثا راسخا كجبل من معدن ورسمنا لكم خطاً على الصخر تنهلون من الأول وتسيرون على الآخر. حينها ترتفع هامة المكان ويستمد قدره من اقتدار القائمين عليه. الأماكن التي يتطوع الانسان للعمل فيها تكون غالبا أكثر حظاً من الأماكن الرتيبة التي تعج بموظفين وكتبة.

لن أقارن بين الأماكن المؤقتة والأماكن الثابتة، الأماكن التي تمتلك الإمكانية والأخرى التي تفتقر إليها. بالتأكيد المقارنة هنا دائما لمصلحة الأماكن الثابتة. ولكني سأقارن بين الفعل في المكانين وردود الفعل تجاه كل منهما. رابطة الأدباء هي المكان الشرعي والرسمي للأدباء في الكويت يرفدها العمل الثقافي المساند وإن اختلف معها في رؤيته لمفهوم العمل الثقافي. مشكلة الرابطة المزمنة هي تغير الوجوه التي تتطوع للعمل الثقافي في ظل الثبات الدائم للفعل الثقافي وغياب عقلية التطوير. وهي مشكلة يعرفها الأخوة الذين تسلموا دفة الأمور مؤخرا.

هناك كما يبدو حماس جميل تظهره تصريحات الأخوة القادمين الجدد الى مجلس الرابطة، وهي تصريحات تدعو الى التفاؤل ونوايا حسنة لا تكفي وحدها للوصول للهدف المرجو إن لم يصاحب ذلك عمل جدير بالإشادة، وجهد لن أصفه بأقل من كونه جباراً لتغيير الصورة النمطية التي ارتسمت لعقود طويلة في ذهن أعضاء الرابطة ومريديها. وأعلم أن الجميع يتمنى أن تقوم الرابطة باحتواء المختلفين معها قبل المتفقين فجميع اجتهادات الأخوة وانتشار الأماكن المؤقتة التي تحمل الهم الثقافي على عاتقها لا يمكن مقارنة استمرارها باستمرار الرابطة.

على الرابطة اليوم مسؤولية واستحقاقات كثيرة أهمها اعادة احتواء المثقف الكويتي والعربي الذي يشاطر زميله الكويتي الحياة وتقبل الاختلاف الفكري إبداعاً كان أو نقداً.

الرابطة لا يمكن لها أن تقوم بذلك بجناح واحد وليس بإمكانها تحقيق تكاملها بوجهة نظر أحادية. عليها أن تعدد أجنحتها وأن تفتح قلبها بصدق لمن يخالفها. والأخوة القادمون لإدارة الرابطة يعلمون كما نعلم بالهوة الشاسعة بين عدد غير قليل من أفرادها المنتمين قانونيا لها وبينها وبين من لا ينتمون إليها. ولردم هذه الهوة هم في حاجة الى أكثر من خطوة جادة تثبت حرصهم على الارتقاء بالفعل الثقافي في الكويت.

أولى تلك الخطوات هي الدعوة إلى اجتماع يضم جميع المهتمين بالشأن الثقافي للاستماع الى وجهة نظرهم، على أن يضم ذلك الاجتماع المنتسبين إلى الرابطة والفاعلين في المجال الثقافي وأقصد هنا تحديدا الأخوة العرب والبدون. الرابطة تمتلك مقرا يمكن أن يضم أكثر من نشاط يقوم عليه هؤلاء الأخوة. هذه الأنشطة التي يمكن إحياؤها لن تقف في طريق أنشطة الرابطة بل ستكون رافدا مهما لها.

الرابطة تمتلك مجلة البيان الشهرية وهي مجلة متأخرة كثيرا شكلا وموضوعا عن الكثير من المجلات التي تصدر من روابط أقل في إمكاناتها من رابطة الأدباء في الكويت. فالمجلة هي عنوان الرابطة وهي في ذات الوقت عنوان الحياة الأدبية في الكويت ورسالتها الثقافية الى الآخر، وابتعاد الأصوات المميزة في الكويت والوطن العربي عنها يحمل أسراراً لا ندركها ولن يستطيع فك شفرتها سوى إخلاص الأخوة الذين تسلموا الأمور حاليا.

أشعر بكثير من التفاؤل وهو تفاؤل يبرره تصريحات الأخوة الذين ننتظر منهم الكثير حتى لا نعود الى المربع الأول.

back to top