الخصخصة وتفاقم البطالة
بتاريخ 31 مارس كتبنا في هذه الزاوية تحت عنوان «خطر البطالة والخطة الحكومية» بأنه لا يزال هناك غيابٌ لأي سياسات حكومية جدية تعالج مشكلة البطالة بشكل جذري رغم أن للبطالة آثاراً مدمرة تحول طاقات المجتمع الإيجابية إلى سلبية ينتج عنها مشاكل اجتماعية وسياسية وصحية وأخلاقية كثيرة ومتنوعة.ثم ذكرنا أن «إطار الخطة» الحكومية الذي أقره مجلس الأمة على اعتبار أنه الخطة الخمسية للدولة لم يبين بشكل تفصيلي كيف ستتصدى الحكومة لمعالجة مشكلة البطالة التي بدأت تتزايد بين المواطنين، وهو ما يعني أن البطالة ستتفاقم وستزداد بالتبعية المشاكل التي تترتب عليها. وتمنينا أن نرى قريبا، أي مع بداية السنة الأولى للخطة «الرباعية» الحكومية التي ستبدأ في أوائل شهر إبريل الحالي، سياسة حكومية جديدة وشفافة لمعالجة مشكلة البطالة تبين الفرص الوظيفية الجديدة التي ستتوافر لشبابنا وشاباتنا في المديين القريب والمتوسط. ثم ختمنا المقال بتساؤل هو: هل يا ترى سنرى ذلك قريبا؟
مع كل أسف إن جواب سؤالنا السابق هو النفي، إذ إنه سرعان ما خاب أملنا في وجود سياسة حكومية جديدة تعالج مشكلة البطالة، فلم يمض سوى يومين على طرحنا للسؤال السابق، وإذا بالحكومة تقدم خطتها السنوية 2010/2011 التي كانت «إنشائية ولا تلبي الطموح» على حد وصف النائبة الفاضلة د.رولا دشتي، التي «صدمتها» الخطة السنوية، وهي التي كانت تدافع في السابق عن «إطار» الخطة الإنمائية «الرباعية» دفاعا غير مستند، مع كل أسف، إلى مبررات وحجج علمية دامغة. لقد تجاهلت الخطة السنوية مشكلة البطالة وخلق فرص عمل للمواطنين، وهو ما يؤكد ما سبق أن ذهبنا إليه من أن هناك غيابا لسياسة حكومية جدية تعالج مشكلة البطالة بشكل جذري، وهو ما أكدته أخيرا النائبة الفاضلة د.دشتي في تصريح لإحدى الصحف بتاريخ 2 إبريل 2010 حين قالت «كنا نعول على الخطة السنوية بأن تكون المحرك لخطة التنمية الخمسية إلا أننا انصدمنا بأنها وللأسف لا تلبي طموحاتنا وجاءت إنشائية وتغافلت عن الكثير من الأسس المهمة لعل أبرزها توظيف العمالة الوطنية وخلق فرص عمل لهم». وانتقدت د. دشتي «الإدارة الحكومية التي أعدت هذه الخطة لأنها أثبتت أنها غير واعية لمتطلبات الخطة الخمسية».لقد خاب أملنا في وجود سياسة حكومية جديدة تعالج مشكلة البطالة التي تتفاقم عاما بعد آخر، والتي من المرجح جدا أن تتزايد معدلاتها بسرعة هائلة جدا إذا ما وافق مجلس الأمة على مشروع القانون الجديد للخصخصة الذي يتضمنه التقرير السادس والعشرين للجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الذي سيعرض على المجلس قريبا، حيث إنه، أي مشروع القانون، يجيز صراحة وبالمخالفة للدستور تصفية النشاط الاقتصادي للدولة وتحويل الملكية من القطاع العام للقطاع الخاص «الخصخصة» في مجالات الموارد والثروات الطبيعية والسلع العامة أيضا، مع أن الخصخصة (تحويل الملكية) كما سبق أن أوضحنا من قبل لا تزيد من معدلات البطالة فحسب، إنما تهدد الديمقراطية نفسها أيضا لأن السلطة في هذه الحالة تنتقل «أتوماتيكيا» مع انتقال الملكية، ومن المعروف أنه لا سلطة شعبية على الملكية الخاصة بتاتا، وبالتبعية فلا يستطيع المواطنون محاسبة القطاع الخاص لأنه مسؤول أمام أصحاب الملكية فقط، وهم من يقومون بمحاسبته، ما يعني إلغاء سلطات الأمة وسيطرتها على ثرواتها ومواردها الطبيعية كالنفط والمياه والكهرباء، أو على السلع العامة كالتعليم والصحة والإسكان وغيرها ما يترتب عليه إنهاء دورها في المحاسبة العامة والرقابة. لذلك فإن أملنا الآن هو أن يكون لمجلس الأمة موقف صلب وعملي تجاه القضايا المهمة مثل الخصخصة والبطالة اللتين سيكون لهما آثار سلبية وخطيرة كثيرة في المستقبل، فهل يحقق المجلس أملنا أم أنه سيخيبه كما فعلت الحكومة؟ كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة