الجنس مقابل الغذاء

نشر في 19-08-2009
آخر تحديث 19-08-2009 | 00:00
 مظفّر عبدالله أول العمود: لا حظوا معي هذه المفارقة، الصحف الكويتية تنشر خبر حصول طالب إيراني على درجة الدكتوراه عن الشاعر عبدالرزاق العدساني من جامعة آزاد الإسلامية في 17 أغسطس، وهو فخر للكويت... ولكن نفس الصحف تنام عن ذكرى وفاة شاعر الكويت الفذ فهد العسكر الذي صادف تاريخ 15 أغسطس! تحية للمسؤولين عن الثقافة.

***

كنت قد كتبت في مقالتي السابقة عن السودانية «لبنى الحسين» وعقوبة الجلد التي ربما ستواجهها بعد محاكمة ستجري في الخرطوم بتاريخ 7 سبتمبر المقبل بسبب لبسها البنطلون، وذلك في مثال لاضطهاد النساء في العالم العربي. يوم الأحد الماضي أعلن عن مصادقة الرئاسة الأفغانية على قانون غريب يخص الطائفة الشيعية في أفغانستان المنتمية إلى أقلية «الهزارة» يعطي الحق للزوج حرمان زوجته من الطعام إن لم تخضع لرغبته في الجماع، وهو ما يشكل حالة اغتصاب فعلية في إطار زواج شرعي! كما يقضي أن تكون حضانة الأطفال في كل الأحوال لآبائهم وأجدادهم، ويسمح للمغتصب أن يفلت من أي ملاحقة إذا دفع دية لامرأة مغتصبة!

المثير أن الرئيس كرزاي الذي يحكم أفغانستان منذ عام 2001 يواجه صعوبات غير عسيرة في الانتخابات الرئاسية التي ستجري غدا الخميس مع بعض منافسيه، وهو أقدم على المصادقة على القانون طمعا في الاستحواذ على أصوات الشيعة الذين يشكلون 20 في المئة من إجمالي الناخبين البالغ عددهم 17 مليون نسمة، ويطمع المتنافسون على الرئاسة في الاستحواذ على أصواتهم بسبب حماس هذه الطائفة للمشاركة في الانتخابات كما اتضح في عام 2004، وهو العام الذي أجريت فيه أول انتخابات منذ الإطاحة بحكم طالبان.

القانون عرض القيادة الأفغانية لنقد لاذع من الدول الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات النسوية داخل أفغانستان وخارجها، وكانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة قد أبديتا تحفظا عليه، وجرت مناورات أفغانية حكومية لكسب الوقت عدة أشهر بدعوى إعادة دراسته نتيجة تلك الضغوط، إذ كان التشريع في السابق يكفل للرجل أيضا حق مجامعة زوجته مرة كل أربعة أيام على الأقل (قبول الطرف الآخر غير مطروق هنا).

هذه صورة من صور تعامل المسلمين مع المرأة الذي لا يخلو من تحقير ونبذ تظهر كيف يتم الاستهتار بالبشر لتحقيق أغراض سياسية، وبعدها نطلب من الغرب احترام المسلمين وندعي تدخلهم في شؤوننا، وما هذه الواقعة إلا نموذج لتجارب قاسية تمر بها المرأة في البلدان العربية والإسلامية التي من دون شك تصنف كونها مواطنا من الدرجة الثانية أو العاشرة في بعض الأحيان.

كنا نسمع بمصطلح «النفط مقابل الغذاء» في أيام العراق السوداء تحت حكم صدام، فيما تتحفنا أفغانستان كرزاي بمصطلح «الجنس مقابل الغذاء»... فياله من تشريع فذ يثير في نفس كل أم أميركية سؤالا مشروعا: ألهذا البلد نفقد أبناءنا؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top