آخر وطن: مهرجان الجنادرية

نشر في 22-01-2010
آخر تحديث 22-01-2010 | 00:01
 مسفر الدوسري مهرجان الجنادرية، الذي يقام سنويا في مدينة الرياض، يعتبر أكبر مهرجان رسمي للتراث والثقافة في السعودية، ورغم أن بريق هذا المهرجان بدأ بالخفوت خلال السنوات الأخيرة، لأسباب متعددة لست في صدد الحديث عنها الآن، إلا أنه ما زال يشكل حدثا مهما في السعودية، ومن بين فقرات المهرجان الثابتة على مدار السنين برتابة "عسكرية" يبرز الأوبريت كأحد الفقرات المهمة في هذا المهرجان، وكثيرا ما تبدأ التساؤلات قبل موعد المهرجان عمن سيكتب الأوبريت، ومن سيلحنه، ومن سيشارك في أدائه من المطربين، ومن سيقوم بإخراجه مسرحيا... إلخ هذه الأسئلة التي تعكس اهتماما إعلاميا لهذه الفقرة تحديدا.

ولقد تناقلت وسائل الإعلام خبرا مفاده أن الفنان "السعودي" ماجد المهندس سيقوم بتلحين الأوبريت هذا العام، ومع بالغ احترامي للفنان ماجد المهندس وأنا بالمناسبة من المعجبين كثيرا بفنه وإحساسه المليء بالدفء، فإنني أعتقد أن عملا بهذا الحجم أكبر بكثير من قدراته التلحينية، إذ ليس في تاريخه الفني على صعيد التلحين سوى أغاني رومانسية قصيرة و"طقاطيق" ليس أكثر! هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن مضمون أوبريت الجنادرية في العادة يعكس البيئة السعودية وتاريخها وفنونها، وعلى حد علمي أن الفنان ماجد المهندس لم يعش هذه البيئة ولو لمدة ثلاثة أشهر متوالية ولم يتشرّب فنونها ولم "يتسَعْود" سوى منذ أشهر قليلة فقط، فهل خضع لدورات مكثفة خلال هذه الفترة ليصبح قادرا على التصدي لمثل هذا العمل الفني الوطني الضخم؟!

الفنان أبوبكر سالم قيمة فنية عربية كبيرة، وهو في نفس الوقت فنان سعودي شاء من شاء وأبى من أبى، ومع ذلك لم يمنح مجرد فرصة المشاركة في الغناء في هذا الأوبريت منذ أول أوبريت وحتى هذه اللحظة، رغم أنه الأقرب كثيرا من ماجد المهندس للبيئة السعودية وتراثها وفنونها بحكم عيشه بها سنين توازي ضعف سنين عُمر ماجد المهندس نفسه، أقول إن هذا الفنان العملاق لم يمنح فرصة المشاركة بالغناء في هذا الأوبريت، اضافة الى  تلحينه، وهو القادر بلا شك على ذلك، يكفي أن نسترجع أغنية "يا بلادي واصلي"، تلك الأغنية الوطنية الخالدة كمثال، لندرك قيمة عطاء هذا الفنان على المستوى الوطني لهذا البلد.

وليس أبوبكر فقط فهناك من الأسماء العظيمة التي خدمت الأغنية السعودية زمنا طويلا، وأعطت دم قلبها وماء عينيها لها، أمثال الأستاذ طارق عبدالحكيم، وسراج عمر وسامي إحسان، وغازي علي وغيرهم الذين يستحقون أن يقول لهم الوطن: لم يغيّبكم النسيان، ولم ننكر فضلكم في مسيرة الفن، ولم نجحد عطاءكم طول السنين، وآن الأوان لنرد لكم حسن صنيعكم العظيم، لا أن يتم تكليف ماجد المهندس بتلحين الأوبريت وهو الذي لم يُقم في السعودية ولم يحصل على جنسيتها سوى منذ أشهر قليلة فقط، وكأنها نكاية بتلك الأسماء، واحتقار لها!

أوبريت الجنادرية عمل وطني ينتظره الجميع، لا مناسبة زواج خاصة، أو أغنية عيد ميلاد، أو مناسبة طهور، يتم تكليف أيّ كان وحسب المزاج الشخصي لكتابته وتلحينه، كما لا يجوز اختطاف هذا الأوبريت تحت ستر الظلام، ولا أن يكون "شرهة" تعطى حسب مقاييس ومعايير مجهولة.

back to top