رأي نفطي : اللامعقول النفطي...!
هل يمكننا بناء نهضة نفطية جديدة بمعطيات الأداء الحالي؟ وهل واقع الحال الآن يعكس ما كان يجب أن يكون؟ وهل ما تقدمه بعض القيادات النفطية من مهارات متواضعة لا تملك سوى الوعظ الديني لوقف منحنى الإخفاقات؟ هل أمكن عمل مراجعة شاملة للأداء والمفاهيم والآليات والرؤى وتجنب تكرار أخطاء الماضي؟ هل نحن في حاجة الى تفكيك و إعادة بناء؟ نستذكر حديث الرسول عليه الصلاة والسلام «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، وكما قيل: «من لا يعمل لا يخطئ»، والهدف من الاستذكار هو الوقوف على معان هامة تمس كل إنسان بسيط بشكل عام وكل مسؤول بشكل خاص، فالإنسان معرض للخطأ إما عن جهل أو إهمال لطبيعة العمل الذي يقوم به، ولكن من لا يعترف بالأخطاء ومن ثم يقوم بإصلاحها يكون قد ترك فضيلة، ويتحول إلى شخص غير مؤتمن وغير لائق لتحمل المسؤولية أو حتى لتقبل العظات منه.
إنه لمن الغريب أن نرى مؤخرا بعض مسؤولي مؤسسة البترول يتوجهون إلى موظفي القطاع بخطب يشكرون عليها لما فيها من جوانب دينية رائعة، ولكن للأسف لا يتم الاقتداء بمضامينها من قبل الإدارة الموقرة، بدليل أننا لم نر أو نسمع في يوم أي اعتراف من متحمس ديني أو من مسؤولي قطاع التسويق عن أخطاء في أدائهم، على الرغم من الملاحظات العديدة التي وثقها ديوان المحاسبة والأسئلة والملاحظات التي تقدم بها أعضاء مجلس الأمة، وأخيرا ما يثار في الصحافة المحلية والعالمية بما يتعارض مع مواقف وتصريحات بعض مسؤولي مؤسسة البترول الكويتية، هناك عامل منهجي يفرض علينا الوقوف عنده، إذ يعيب بعض القياديين النفطيين على الصحافة إبرازها السلبيات! ترى هل يريد هذا البعض من الصحافة إخفاءها أيضا كما يطلب من موظفيه عدم الحديث فيها، وطمس تلك المشاكل! إن أهمية إبراز الأخطاء هو تجنب الوقوع فيها ثانية من أجل بناء أفضل، والتعلم من الدروس المستفادة واختيار الممارسات المثلى.من المؤكد أن الإصلاح لا يتم بالالتفاف على حقائق الأخطاء، بل بالوقوف عندها ومعالجتها، حتى الحقائق العلمية للأسف يحاول البعض الالتفاف حولها لمجرد تكريس ثقافة معينة، ومن يلاحظ أداء إدارة قطاع التسويق بالتعامل مع الأمور والملاحظات المطروحة على الساحة النفطية لا يستبشر خيرا، بسبب المكابرة التي لا تفسر إلا في اتجاه اللامعقول النفطي، وحتما لا تصب في مصلحة القطاع، فما يروجه بعض المسؤولين في قطاع التسويق هذه الأيام، والمتعلق بموضوع عقود الغاز المسال المستورد، لا يلاقي صدى ايجابيا بين موظفي القطاع لما له من ازدواجية، من حيث مبدأ التعامل مع الشركات المسماة بالوسيطة، وهذه الازدواجية بلا شك ستحرج موظفي القطاع في التعامل مع هذه الشركات التي منع التعاقد معها في عقود سنوية تماشيا مع القرارات الإدارية لمؤسسة البترول، بينما يتم التعاقد مع شركة فيتول تحت ذريعة أنه عقد شراء لا بيع وأن «فيتول» ليست شركة تجارية وسيطة، هذا ما لا ينطلي على العرف السائد في الأسواق النفطية، فهذه الذريعة وللأسف غير مقبولة إلا في مخيلة بعض المسؤولين في مؤسسة البترول الكويتية، إذ أصبح التعاقد مع «فيتول» والفشل مع الشركات المنتجة للغاز المكافئة للمؤسسة انجازاً، وأضحت الاحتياجات الاستراتيجية للدولة في يد شركة متاجرة إبداعاً! لذلك ندعو مسؤولي هذا القطاع العزيز إلى الاقتداء بم يتفوهون به هذه الأيام، وتصحيح أسلوب معالجة ما يثار بشأن المواضيع التي تمس هذا القطاع الهام والحساس، رأفة بسمعة القطاع النفطي الكويتي وتماشيا مع الحس الديني والوطني الذي يتحلى به كل مؤمن يعيش على أرض هذا الوطن الغالي، وكل مؤمن مبتلى.* هندسة كيميائية - تخصص تكرير وتسويق النفط