أذكر مشاعري المضطربة وخوفي يوم كنت أقدم قصصي الأولى للروائي إسماعيل فهد إسماعيل، والروائي غالب هلسا، والروائي الطيب صالح، والروائي فؤاد التكرلي، وأذكر سعادتي، يوم خصني الروائي والقصاص إدوارد الخراط بكلمة على غلاف مجموعتي الثانية «أغمض روحي عليك». لكنني وبعد مضي ما يزيد على العقود الثلاثة، لا أزال أحمل الخوف والقلق نفسيهما، وربما بدرجة أكبر، ناظراً إلى كل رواية أو مجموعة قصصية جديدة أقدمها إلى القارئ بوصفها لقائي الأول معه، وجواز مروري لإعجابه واحترامه، كما أنني أدرك انفتاح سوق النشر العربي، على إصدارات روائية وقصصية يومية، مما يصعّب من مهمة الكاتب، في عالمٍ ما عاد يخضع لحدود وحواجز الجغرافيا، بل غدا عالماً مفتوحاً ومتصلاً ومتواصلاً، يمكّن فيه لأي قارئ الوصول إلى مبتغاه من الكتب بمجرد دخوله إلى أي من مواقع بيع الكتب المنتشرة على طول وعرض الشبكة العنكبوتية. كل هذا مجتمعاً يؤكد صعوبة مهمة الكاتب الناشئ، وضرورة وجود من يقف إلى جانبه، يدعمه بالنصح والتوجيه، ويدفع بقلمه إلى الأمام.
سارة الراشد، وخالد النصرالله، وسعود السنعوسي، ثلاثة أسماء لكتّاب كويتيين شباب وصل إلي إنتاجهم الجميل خلال الفترة الماضية، ولقد أشعرني ذلك بفرح كبير. خاصة أنني استشعرت إحساسهم بمسؤولية مواجهة القارئ، وسعيهم المشروع إلى تجويد وتطوير نتاجهم، وأخيراً استعدادهم الرائع لسماع وجهة نظر نقدية موضوعية، قد تكون قاسية، لكنها تنطلق من الإيمان بموهبتهم، ومن القناعة بقدرتهم على إنتاج أعمال أخرى جميلة، وأخيراً ضرورة توجيههم إلى قراءات روائية وقصصية، عربية وعالمية، لا غنى عنها لكل من يسير على درب القصة والرواية.قلة قليلة نادرة أولئك الكتّاب الذين ولدوا كباراً بمجرد نشرهم لإصداراتهم الأولى، لكن الوضع الطبيعي، يقول بميلاد أي كاتب عبر القراءة والإطلاع بالدرجة الأولى، وعبر الاستمرار في تجربة الكتابة المتجددة، وأخيراً عبر تواصله، بشكل مباشر أو غير مباشر، مع من سبقوه على طريق الكتابة والإبداع.إن التهم الجائرة التي يُرمى بها الشباب الكويتيون في انصرافه عن القراءة والتحصيل الأدبي، تبدو لي في معظم الأحيان تهماً قاسية، فصحيح أن هناك أعداداً كبيرة من الشباب الكويتيين، لاهية بمختلف صنوف المتع والملذات والانشغالات، لكن من الصحيح أيضاً القول بوجود مجاميع من الشباب الكويتيين مخلصة ومنشغلة بالهم الأدبي، قراءة وكتابة، وأن هذه المجاميع تعمل بجد وإخلاص، وأنها لا تطمح إلى كسب كبير، بقدر طموحها بأن تنال الاهتمام الذي يليق بها، لدى جمهور القراءة، وكذلك على أجندة المؤسسة الثقافية الرسمية، وأعني بها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والمؤسسة الأهلية، وأعني بها رابطةالأدباء.سارة وخالد وسعود، ثلاثة أسماء شابة وواعدة، من ضمن مجاميع كثيرة، اقتنعت بالسير على طريق الأدب والإبداع، وإنني إذ أحييهم، وأشد على أياديهم، فإنني أهمس بهم بثقة كبيرة:«الطريق طويلة، وكثيرة الأعين التي تنتظر منكم إبداعاً يليق بسمعة وطن». لكم محبتي وفرحي بكم واستعدادي الدائم للتواصل معكم.
توابل
سارة وخالد وسعود
04-05-2010