لا أفضل إعادة الحديث وتكراره، ولكن لا مفر من التذكير بمقالي «الحاوي الأميركي والمهرجون العرب» في 9/6/2009 حول الخطاب العاطفي المؤثر للرئيس الأميركي في جامعة القاهرة، والذي أسعد بعض المثقفين والإعلاميين والكتاب العرب والمصريين وأفرحهم، فأخذوا يهللون ويصفقون للرئيس الأميركي، ففي ذلك المقال أوضحت أن كل ما تحدث به الرئيس الأميركي مجرد كلام أشبه بألاعيب «الحاوي» الشعبي في الشوارع المصرية الذي يخرج الحمام من كمه، وينفخ النار من فمه، ويعبث بأوراق «الكوتشينة» فيطيرها في الهواء ثم يعيدها مرة أخرى.
مضى عام على تولي «أوباما» الحكم، فماذا أنجز من الوعود التي قطعها على نفسه؟ لو حاول أكثر «الأوباميين» الإجابة لكانت صفراً، ولو تحدث غيرهم لكانت رقما سلبيا يتجاوز الصفر بكثير، فقد ذهبت كل وعوده وأحاديثه أدراج الرياح.على المستوى الدولي وعد أوباما بإغلاق «غوانتنامو» فزادت أعداد المعتقلين «ناتج سلبي»، وتحدث عن تخفيض عدد الجنود الأميركيين قي أفغانستان ورحيلهم من العراق فارتفعت أعدادهم في كلا البلدين، وتم تأجيل خطة رحيلهم من العراق لأجل غير مسمى «ناتج سلبي»، ووعد بنهاية حقبة الإرهاب والحرب العالمية ضده ففتح جبهة جديدة في اليمن «ناتج سلبي آخر».وبالنسبة لقضية العرب الأولى «فلسطين» وعد بالكثير من المواقف العادلة وتبنى حل الدولتين- الحل الذي هلل له البعض وأطلقوا أهازيجهم حوله- وانتهى الأمر إلى تفهم حق إسرائيل في بناء المستوطنات!!إن النتائج بعد عام من ولاية الرئيس الأميركي محبطة ومخيبة للآمال بدرجة كبيرة، بل إن قدرته على إحداث التغيير– شعار حملته الانتخابية- داخل الولايات المتحدة ذاتها اقتربت أيضا من الصفر، لذلك انهارت شعبيته انهيارا كبيرا، ولو استمر معدل الانهيار لحقق رقما قياسيا جديدا في السقوط السريع.من دون تحامل على الرجل أو مجاملة له فقد سبق الحديث– وأعدناها كثيرا- أن القرار في الولايات المتحدة مؤسسي وليس فردياً كما هي الحال في أمتنا العربية، حيث الحاكم الفرد الملهم ذو القرار الصائب الذي لا يشوبه نقصان ولا يعوزه برهان. وقد يدعي البعض أن الرجل صادق في نواياه وفيٌّ لآرائه، وكي لا نغضب هؤلاء–وهم يستحقون- نتساءل فعلا قد يكون الرجل صادقا ومؤمنا بما وعد به، ولكن هل هو جاهل بطريقة إصدار القرار في الولايات المتحدة ؟ لا أظن.قد يكون مقتنعا بصواب رأيه، ولكن ألا يستطيع أن يحشد الأدوات والآليات اللازمة لإصدار هذا القرار؟ لا أعتقد.قد يكون واثقا من فكره، ولكن ألا يستطيع أن يشرحه ويقنع به غيره؟ لا أصدق.إن الخداع الذي مارسه أوباما للأمة العربية والإسلامية خداع واضح لا يخفى على أحد إلا لمن يريد ألا يراه «عين الرضا عن كل عيب كليلة...»، فلقد كان أوباما يعلم تماما عندما تولى الرئاسة أنه جديد على الساحة الدولية، وفي احتياج لإظهار نفسه بصورة جيدة، وفي حاجة كذلك لتعاطف المجتمع الدولي- والأمة العربية والإسلامية جزء منه- لذلك كانت خطبه وأحاديثه ووعوده ضرورية لقبوله الدولي.لقد تحدث السيد أوباما كثيرا عن الإسلام وذكر أن الإسلام يقول «إن من يقتل بريئا فكأنما قتل الناس جميعا» وهذا صحيح، ولكن الإسلام يا سيد أوباما يقول أيضا «إن المنافق لا أمان له، ولا أمن معه، وإن من علامات المنافق إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف...»، وكذلك قال الشاعر العربي قديما:إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددافهل تريد– يا سيد أوباما- أن نحدثك بلغة الإسلام (نفاق) أم بلغة الشاعر العربي (فساد) أم نحاسبك على وعودك (كذب) أم تريدنا أن نحدثك بلغة التقاليد الغربية ونقول Happy Anniversary؟أعتقد أن الأخيرة هي المطلوبة، فـ«كل سنة وإنت طيب... ونحن أيضا كذلك».
مقالات
HAPPY ANNIVERSARY
05-02-2010