حين تكون الأخبار الاجتماعية للرجل العام النجم، طاغية على أفعاله في مهنته ومجاله اللامع فيه، فإن هذا المنحى دلالة على إفلاسه وعقمه، وفراغ جعبته من الرؤية الخلَّاقة الإبداعية، في المجال الذي يمارس فيه مهمته، في عمارة الأرض بكل ما هو نافع للبلاد والعباد. وفي هذا السياق يقال: إن التاجر المفلس يرتد إلى دفاتره القديمة علَّه يجد فيها ضالته التي تعيده إلى واجهة الحضور الإعلامي، كما كان دأبه حين يستحوذ اسمه وفعله على «الخبر العاجل» بتواتر دال على نشاطه الفاعل.

Ad

ولا تسأل مَن المقصود بهذا الكلام! لأني إذا كنت لا أعني أحداً بذاته، فإني، في الوقت نفسه، أعني كل واحد! والذي على رأسه ريشة الاتهام ستجده «يهرش» شعر رأسه، ويمسّد لحيته، ويبرم شواربه، ويلعب «بخصيتيه» (1)** ما غيرها! ومادام الأمر كذلك، فما عليك إلا أن تنظر حولك، لتجد الدليل على ما ذهبت إليه: حقيقة واقعة تدب على أرضية الواقع!

**(1) رياضة كويتية قح تمارس بحكم العادة في المجالس!

ولعل الردة الجاهلية صوب عادة الثأر العتيقة المتحفية، وإقحامها في ميدان النشاط السياسي، خير مثال على أن القيم القبلية الضارة، مازالت تعشش في أدمغتنا، وحاضرة في نسيج حياتنا الاجتماعية، لتصبغ وتلِّون العلاقة بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء. بحيث يمكن لنا الادعاء: أن ثقافة الثأر العتيقة البالية إياها، باتت الدافع الأساسي المحرض على «إسهال» الكثير من الأسئلة والاستجوابات، الطافحة في قاعة «عبدالله السالم» في مجلس الأمة!

• وقد أفهم وأتفهم حضور عادة الثأر دفاعاً عن شرف البنت الذي كان، في الأيام الخوالي كعود الثقاب والكبريت، وأصبح في هذه الأيام من الألفية الثالثة كما الولاعة الصينية والعياذ بالله! لكن حضور الثأر وتجليه في المساءلة السياسية فهنا العجب العجاب! وحين يمعن المرء النظر ملياً في العديد من الأسئلة والاستجوابات والسجالات العقيمة ستجد أن روح وحمية ثقافة الثأر هي المحور الخفي المحرِّض على المساءلة التي يرتكبها العديد من النواب، تجاه العديد من الوزراء والمسؤولين وأمثالهما! فضلا غن السجال بين بعضهم بعضا!

وهو الأمر الذي يشي بأن روح القبيلة بكل تجلياتها، مازالت تسكننا، وتشكل مواقفنا وأفعالنا واستجابتنا للآخر! لاسيما إذا كان الآخر خصماً سياسياً ارتكب خطأ أو خطيئة بشأننا! وما دام الأمر كذلك، وهو كذلك ونص، ستجد أن الثأر هو الفعل المضمر الكامن في الاستجواب الأخير، وهو أيضا «المحور» المخفي المستتر في طياته! ولم يعد سراً وجود ثلة تشجع شيوع ثقافة الثأر، وتحرِّض عليها، سعياً إلى ردة البلاد والعباد إلى قيم وتقاليد «مشيخة الكويت» النافية لحضور دولة المؤسسات الديمقراطية الدستورية التي نعيش في كنفها الآن منذ عقود عدة.

• أما البلية الأخرى التي فوجئنا وفجعنا بها، فتكمن في ما نسب إلى النائب «الدويسان» من تعرضه إلى السحر، بغية الإضرار به من قبل امرأة تتعاطى السحر وتتكسب منه! والطريف أن النائب «المسحور» لاذ بوزارة الداخلية لتدرأ عنه هجمة «شمهورش» شيخ بندر السحرة في دولة الكويت وضواحيها. ولست بمعرض المجادلة بوجود السحر من عدمه في هذا السياق، لأن ما يعنيني هو أنني لا أعرف ما هو الإجراء الذي قام به حضرت النائب والإعلامي المحترم؟! هل لجأ إلى المخفر لتسجيل محضر بشكايته ضد الساحرة، مع علمه ويقينه بخلو وزارة الداخلية من وجود إدارة خاصة لمكافحة الجان والسحرة والشياطين؟! والمفارقة في هذه الواقعة الغريبة تكمن في: أن النائب المحترم يترأس لجنة الظواهر السلبية في المجلس! فإذا كان غير قادر على احتواء واقعة غيبية غبية، فكيف يمكن له مجابهة الظواهر السلبية التي تدب على الأرض؟! والحق الذي لا مراء فيه هو: أن السحر ساكن في سحر العيون الدعجاء، فضلاً عن سحر البيان.

أما السحر الفلكلوري فلاشأن لوزارة الداخلية به. لأن علاجه (الناجع) يكون في الرقية والتميمة وغيرهما من عدة وعتاد مجابهة السحر الأسود (الديجيتال) والعياذ بالله! وأخيرا ألا ترون معي أننا نعيش أجواء وفضاء «ألف ليلة وليلة؟!»، ومسلسل «افتح يا سمسم؟!».