ذكرت معلومات خاصة لـ"الجريدة" أن فريق التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، كثّف خلال الأسبوعين الماضيين عمله في لبنان، مُركزاً على طلب وثائق تندرج في خانة الإثباتات الجنائية.

Ad

وبحسب هذه المعلومات فإن السلطات اللبنانية المعنية أذنت لفريق التحقيق الدولي بالدخول إلى "أرشيف" بصمات اللبنانيين، وبعد ساعات من البحث خرج المحققون مع ملفات نحو من مئتي شخص من دون أن يبلغوا السلطات اللبنانية أسماء الذين سحبت ملفات بصماتهم.

ويبدو أن المحققين الدوليين اتفقوا مسبقاً مع السلطات اللبنانية على ألا يتم الكشف من قبل التحقيق عن أسماء أصحاب الملفات، حفاظاً على سرية التحقيق ومنعاً لانعكاس إعلان الأسماء سلباً على المسار الذي يعتمده المحقق الدولي دانيال بلمار وفريقه في البحث عن المتورطين في الجريمة على مختلف المستويات التخطيطية والتنفيذية.

وتزامن تحرك المحققين الدوليين مع نشر رئيس المحكمة الدولية انطونيو كاسيزي تقريره السنوي الأول عن أعمال المحكمة الدولية، في ضوء التحقيقات التي يتولاها بلمار.

ويرى حقوقيون متخصصون في قانون الجنايات أن ما تضمنه التقرير من توصيف عام للجريمة وطبيعة الجهات المنفذة،  (شبكة كبيرة تدير شبكة صغيرة، وإرهابيون يتمكّنون مع الوقت من تعزيز قوتهم... ترابط جرائم الاغتيال... إلخ) معطوفاً على موضوع البصمات، يدل بما لا يقبل الشك على أن التحقيق الدولي تجاوز مرحلة رسم سيناريو الجريمة تحضيراً وتنفيذاً، وانتقل إلى مرحلة تحديد المتهمين والجهات التي تقف وراءهم، لا بل انه دخل في مرحلة جمع الإثباتات التي تدعم القرائن والاتهام المنتظر، ذلك أن البحث لم يشمل بصمات كل اللبنانيين وإنما بصمات عدد محدد، بما يدل على أن التحقيق يدور في حلقة من المعنيين تضيق يوماً بعد يوم.  

وسبق للتحقيق الدولي أن طلب من عدد من الجامعات اللبنانية الرسمية والخاصة قوائم بأسماء الطلاب المسجلين في الفترة التي سبقت وتخللت المرحلة الزمنية، التي شهدت جريمة اغتيال الرئيس الحريري وبقية الشخصيات السياسية والإعلامية والأمنية والعسكرية، مما يوحي أن هويات بعض المشبوهين أصبحت معروفة لدى التحقيق الدولي، ومن بينهم طلاب جامعيون.

ومن بين الأمور التي يتوقف عندها المراقبون في لبنان تزامن الحملة على قوى الأمن الداخلي تحت ذريعة طلب تقدمت به السفارة الأميركية في لبنان، لمعرفة محطات الربط الخاصة بشبكة الخلوي والموجات اللاسلكية التي تعمل عليها، مع تطور عمل لجنة التحقيق والمحكمة الدولية. ويبدي المتابعون اعتقادهم بأن خلفية الحملة تقوم على أن التدريب الذي كانت تخضع له قطاعات في قوى الأمن الداخلي، الذي على أساسه طلبت السفارة الأميركية القائمة المذكورة، كان يتركز على التنصت ومتابعة التحقيقات الجنائية من خلال ملاحقة شبكات الهاتف، إنما ساعد في مكان ما على كشف جوانب من جريمة اغتيال الرئيس الحريري وغيره من الشخصيات التي اغتيلت بعده.

ويخلص المعنيون بقضايا القوانين الجنائية إلى أنه لم يعد هناك من شكوك في شأن تقدم عمل التحقيق، من دون أن يعني ذلك أن الانتقال إلى مرحلة الاتهام بات قريباً. وهم لا يستبعدون أن تمضي سنة 2010 من دون قرارات اتهامية، لكنهم شبه متأكدين أن الاستدعاءات للشهود وربما للمتهمين سوف تنشط، في انتظار الاتهام الرسمي وبدء المحاكمات عام 2011.