ما يجري في العراق
الجرائم البشعة التي تُرتكب في العراق بهوية مذهبية واضحة لا يمكن أن تقوم بها إلا جهات مشبوهة سواء سمَّت نفسها مقاومة أو مجاهدة، فاستهداف الشيعة بهذه الطريقة وبكل هذا الإصرار لا هدف له مهما أُعطي من تبريرات إلا دفع هذا البلد الراعف الجرح إلى التمزُّق والانقسام، والذي إن هو تشظى وتمزَّق فإن المنطقة كلها ستدخل في دوامة عنف واقتتال لا يعلم كيف ستكون نهايتها إلا الله.هناك إصرار على تعزيز طائفية الطائفة الشيعية الكريمة، التي إن هي خرجت من جلدها العربي تحت ضغط هذه العمليات الإجرامية واحتمت بعباءة الوليِّ الفقيه في طهران فإن نهاية عروبة العراق ستكون محتمة، وإن تشظي هذا البلد سيكون أمراً حتمياً، وإن دويلات طوائف ستنبت ليس في بلاد الرافدين وحدها وإنما في الشرق الأوسط كله، وربما من المحيط إلى الخليج.
إنه لا يكفي أن يصدر بيانٌ من هنا وهناك استرضاءً للأميركيين تحت ضغط الحاجة إليهم في هذه المرحلة، إذ إدارة الرئيس باراك أوباما مصممة على رسم استراتيجية أميركية جديدة لهذه المنطقة وما وراءها وحتى بحر قزوين وجبال الهيمالايا في الشرق، فالمطلوب أن يكون هناك موقفٌ عربيٌّ جديٌّ، وبخاصة من قبل الدول المحيطة بالعراق لقطع الطرق على الذين باسم المقاومة، ولعن الله مقاومة كهذه، يذبحون العراق وأهله وأطفاله بهذه الطريقة الوحشية البشعة.إن هؤلاء الذين يرتكبون كل هذه الجرائم والذين يستهدفون أبناء الطائفة الشيعية العرب الأقحاح والأُصلاء باسم المقاومة هم قتلة ومجرمون، وإن كل من يتعاطى معهم ويساندهم ولو بالسكوت وغضِّ النظر ينطبق عليه ما ينطبق عليهم، فالساكت عن الحق في مثل هذه الحالة ليس شيطاناً أخرس بل هو مجرمٌ وقاتلٌ، ولا يمكن أن يكون إلا عدواً للإسلام والمسلمين وخائناً للعروبة، حتى وإن هو تغنى بأمجادها التليدة واعتز برسالتها الخالدة المجيدة.إذا استمر هذا الذي يجري في العراق، وإذا نفد صبر الطائفة الشيعية وردَّت على هذا الإجرام بإجرام مماثل، فإن ألسنة النيران لن تبقى محصورة في هذا البلد وهي ستنتقل حتماً إلى المنطقة كلها بداية ببعض الدول المجاورة، وهنا فإنه على الذين بيوتهم من زجاج أن يدركوا أن الألاعيب الخطيرة التي تُلعب في بلاد الرافدين لن تبقى محصورة في بلاد الرافدين... وهذا هو التاريخ أمامنا وعلى من لم يتّعظ بعد أن يتعظ.نحن الآن، والمقصود العرب كلهم، في حاجة إلى شيعة العراق فهم جدار العروبة المتين أمام الشعوبية الجديدة التي تتربص بهذه الأمة من جهة الشرق وبدونهم فإن حقبة "بويهية" و"تتارية" قادمة لا محالة، وإن هذه الحقبة إن هي جاءت فإنها لن تقف هناك عند الحدود العراقية مع الدول العربية المجاورة، بل انها ستجتاح المنطقة كلها كما اجتاحها المغول بعد تدمير بغداد.لا يمكن تصديق أن البعثيين هم الذين يقومون بهذه الأفعال الشائنة، اللهم إلا إذا انقلبت المعادلات، فنسبة أكثر من ستة وسبعين في المئة من قاعدة حزب البعث قبل أن يحكم وبعد أن حكم من أبناء الطائفة الشيعية، ثم إن كذبة "القاعدة" التي غدت ككذبة "راجح" في فيلم "بياع الخواتم" غدت مكشوفة، ولهذا فإنه يمكن الجزم أن استهداف أبناء هذه الطائفة، الذين هم الأكثر عروبة وتمسكاً بها في العراق وراءه مؤامرة، إن ليست دولية فإقليمية تشارك فيها بعض الدول العربية... وللأسف... للأسف!! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء